قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: اشْتَكَى مَالِكٌ أَيَّامًا يَسِيرَةً، فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا عَمَّا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ؟ فَقَالُوا: تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] .
وَعَنْ بَكْرِ بْنِ سُلَيْمٍ الصَّوَّافِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعَشِيَّةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، فَقُلْنَا لَهُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، إِلا أَنَّكُمْ سَتُعَايِنُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فِي حِسَابٍ، قَالَ: فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى أَغْمَضْنَاهُ، وَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَرَضِيَ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: وَصَلَّى عَلَيْهِ وَالِي الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ.
وَرُوِيَ عَنِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ لِي عَمَّتِي وَنَحْنُ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى: رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هُوَ يَا عَمَّتَاهُ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ كَأَنَّ قَائِلا يَقُولُ: مَاتَ اللَّيْلَةَ أَعْلَمُ أَهْلِ الأَرْضِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَحَسْبُنَا ذَلِكَ الْيَوْمُ، فَإِذَا هُوَ يَوْمٌ مَاتَ فِيهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ.
آخِرُ الْجُزْءِ الثَّانِي