أن يجوزوا ذلك العمود إلى الروم، ولا للروم أن يجوزوا ذلك إلى المسلمين، وصوروا في العمود صورة هرقل جالسا في ملكه، فرضي بذلك أبو عبيدة، فبينما نفر من المسلمين على خيولهم يتعاطون الفروسية إذ مر أبو جندل بن سهيل بن عمرو على فرسه ملأ فروجه في يده قناه جديدة فمر بذلك العمود وتلك الصورة فنصب زج رمحه في عين (255- ظ) تلك الصورة غير متعمد لذلك، ففقأ عين التمثال، فأقبل بطريق قنسرين وقال لأبي عبيدة: غدرتم يا معشر العرب ونقضتم الصلح، وقطعتم المدد التي بيننا وبينكم، فقال أبو عبيدة: ومن نقضه؟ قالوا: الذي فقأ عين ملكنا، قال أبو عبيدة: فما تريدون؟ قالوا: لا نرضى حتى نفقأ عين ملككم، قال أبو عبيدة:

صوروني في صورتكم، ثم افعلوا ما بدا لكم، قالوا لا نرضى بتصوير إلّا ملككم الأكبر، فأجابهم أبو عبيدة إلى ذلك، فصورت الروم مثال عمر بن الخطاب في عمود وأقبل رجل منهم حتى فقأ عينه برمحه. فقال البطريق: قد أنصفتمونا، وبعد سنة أقاموا على الصلح والذمة «1» .

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي الحافظ، وأنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قالا: أخبرنا أبو الحسين علي بن المسلّم إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو نصر الجندي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد: قال: وقطع- يعني قنسرين- فمضى أبو عبيدة بن الجراح إلى أنطاكية فصالحه أهلها على الإقامة ...

فأدركهم الثلج.... الثلج ارتحلوا فلما كان.... (256- و) «2» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015