سألت الندى لا عدمت الندى ... وقد كان منا زمانا عزب

فقلت له طال عهد اللق ... اء فهل غبت بالله أم لم تغب

فقال بلى لم أزل غائبا ... ولكن قدمت مع المطلب «1»

قال القاضي أبو الفرح: وفي هذا الخبر ما دل على دهاء دعبل ولطف حيلته، وأنبأ عن ذكاء المطلب ودقة فطنته، وقد روي مثل هذا عن معن بن زائدة وأتي بجماعة قد عاثوا في عمله فأمر بقتلهم، فقال له أحدهم: أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشا، فأمر باحضار ماء يسقونهم فأحضر (336- و) فلما شربوا قال: أيها الأمير لا تقتل أضيافك فقال: أولى لك وأمر بتخليتهم.

قال: وأخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون قال: أنشدني دعبل لنفسه يرثي المطلب:

مات الثلاثة لما مات مطلب ... مات الحياة ومات الرعب والرهب

لله أربعة قد ضمها كفن ... أضحى يعزى بها الاسلام والعرب

يا يوم مطلب أصبحت أعيننا ... معا يدوم لها ما دامت الحقب

هذي خدود بني قحطان قد لصقت ... بالترب منذ استوى من فوقك الترب «2»

قال القاضي: قول دعبل في شعره الأول في الخبر المتقدم «اضرب ندى طلحة الطلحات» أسكن اللام في قوله الطلحات للضرورة وحقه التحريك، والعرب تقول طلحة الطلحات وحمزة وحمزات، وتمرة وتمرات وجمرة وجمرات، ومثله ومثله الركعات والسجدات، بفتح عين الفعل من فعلات في الأسماء من هذا الباب، ما لم تكن العين واوا، أو ياء، أو ألفا وقد أسكن الراجز العين من الاسم في الباب الذي وصفت فقال:

على صروف الدهر أو دلالتها ... تديلنا اللمة من لماتها

فتستريح النفس من زفراتها «3»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015