منتفعا قبل فوت الإمكان، واشتمال الندامة على ما أسلفه من عمله ورآه قدامه.

ومن خطبة أخرى:

أيها الناس ما للقلوب حائدة عن سبل الخشوع وما للأبصار جامدة عن فيض الدموع، وما للأنصار قد أهلكها طول الهجوع، أتحققتم النجاة في المآب، أم تيقنتم الأمان في معادكم من العقاب، أم رضيتم بأعمالكم لمسائلة رب الأرباب، أم عدلتم على بصيرة عن نهج السبيل، أم رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، «وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل» «1» .

ومن أخرى:

أيها الناس، إن بقاءكم في هذه الدنيا الفانية قطع مسافة الى مدى واشتغالكم بجمع حطامها إقدام على مرافصة الردى، وإهمالكم طاعة ربكم في يومكم أمان مما يحدث غدا، كأنكم لا تعلمون أن أرواحكم لدعوة الحمام صدى، أو تجهلون أن الموت يبقى منكم أحدا.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أنشدني القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة لنفسه من أبيات كتبها الى الخطيب أبي تراب حيدرة بن أبي أسامة:

يا أوحد الخطباء غير منازع ... وجمال منبره وعالم عصره

ومهجّن الفصحاء في أقوالهم ... ومصرّف الكلم الفصاح بأمره

عزّت على طلابها فكأنها ... جعلت حبائس نظمه أو نثره

تهدي لسامعها لشدة عجبه ... سكرا وفيها صحوة من سكره

سلب البلاغة كل نطق ... فاغتدى ربّا لها لما غدت في أسره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015