ثلاث وستين حين خرج الى ألب أرسلان وأطاعه، واستمرت الخطبة لبني العباس الى زمن رضوان كما ذكرناه.
وسمع أبو تراب الخطيب الحديث من أبي عبيد الله عبد الرزاق بن أبي نمير العابد الأسدي، سمع منه ولداه: أبو القاسم عبد الله بن حيدرة، وأبو الفرج عبد الواحد بن حيدرة، وعبد الله بن عبد السلام النائب بحلب.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، وأخبرنا به أبو اليمن الكندي- إذنا عنه- قال: وفي هذه السنة- يعني- سنة تسعين وأربعمائة خطب الملك رضوان بحلب للمصريين، وكان الخطيب أبو تراب له حكاية معروفة، وكان هذا الخطيب رأى مناما أنه لا يموت حتى يعود يخطب للمصريين دفعة ثانية، لأنه خطب لهم بحلب في حصار السلطان العادل فكان كذلك «1» .
قرأت في خطب أبي تراب حيدرة من نسخة بخط ولده، وقرأها عليه:
أيها الناس العجل العجل قبل مرافصة «2» الأجل وظهور القلق والوجل ومقام التوبيخ والخجل عند الوقوف بين يدي الله عز وجل، فكأنكم بطارق المنية قد قطع الأمنية، ونزل الحق الصراح، فنادى بعز لا براح، فلو أن له ما في الأرض جميعا ومثله معه ما دفع عنه ما نزل به ولا نفعه، فعلت الضجة عند تلف المهجة، وأرملت الصاحبة وندبت (334- و) النادبة ووجبت نقلته من منزله وإزعاجه، وقال أحب الناس إليه: كرامته اخراجه فأصابه من جميع ما ملكه أكفانه وما حوته من الطيب أجفانه، وشيعه الأماثل الى أن أودعوه لحده وخلفوه مفردا وحده فعاين هنالك أحواله، فإذا كل ما هو فيه عليه لا له، فرحم الله امرءا سمع فوعى، وكان بما يسمعه