وتُحيي له المالَ الصوارمُ والقنا ... ويقتل ما تُحيي التبسم والجدا1

جعل الزيادة والوفور حياة للمال، وتفريقه في العطاء قتلا له، ثم أثبت الإحياء فعلا للصوارم، والقتل فعلا للتبسم، مع أن الفعل لا يصح منهما. ونحوه قولهم: "أهلك الناس الدينار والدرهم" جعلت الفتنة إهلاكا، ثم أثبت الإهلاك فعلا للدينار والدرهم.

وقوع المجاز العقلي في القرآن:

وهو في القرآن كثير2؛ كقوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2] . نُسبت الزيادة التي هي فعل الله إلى الآيات لكونها سببا فيها، وكذا قوله تعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} [فصلت: 23] ، ومن هذا الضرب قوله: {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ} [القصص: 4] فإن الفاعل غيره، ونسب الفعل إليه؛ لكونه الآمر به، وكقوله: {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} [الأعراف: 27] نُسب النزع الذي هو فعل الله تعالى إلى إبليس؛ لأن سببه أكل الشجرة، وسبب أكلها وسوسته ومقاسمته إياهما إنه لهما لمن الناصحين، وكذا قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] ، نسب الإحلال الذي هو فعل الله إلى أكابرهم؛ لأن سببه كفرهم، وسبب كفرهم أمر أكابرهم إياهم بالكفر، وكقوله تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] نسب الفعل إلى الظرف لوقوعه فيه، كقولهم: "نهاره صائم"، وكقوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015