ولئن نطقت بشكر برك مفصحا ... فلسان حالي بالشكاية أنطق1
فإنه شبه الحال الدالة على المقصود بإنسان متكلم في الدلالة؛ فأثبت لها اللسان الذي به قوام الدلالة في الإنسان2.
وأما قول زهير:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعُرِّيَ أفراس الصِّبا ورواحله3
فيحتمل أن يكون استعارة تخييلية، وأن يكون استعارة تحقيقية؛ أما التخييل فأن يكون أراد أن يبين أنه ترك ما كان يرتكبه أوان المحبة من الجهل والغي، وأعرض عن معاودته؛ فتعطلت آلاته كأي أمر وطّنْتَ النفس على تركه؛ فإنه تهمل آلاته فتتعطل، فشبه الصبا بجهة من جهات المسير -كالحج والتجارة- قُضي منها الوطر فأُهملت آلاتها، فتعطلت4، فأثبت له الأفراس والرواحل5؛ فالصبا على هذا من الصبوة بمعنى الميل إلى الجهل والفتوّة، لا بمعنى الفتاء6. وأما التحقيق فأن يكون أراد بالأفراس والرواحل دواعي النفوس وشهواتها، والقوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات، أو الأسباب التي قلّما تتآخذ في اتباع الغي إلا أوان الصبا7.