المشبه به في الذهن، أو لقلة تكرره على الحس، كما مر من تشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل1؛ فإنه ربما يقضي الرجل دهره ولا يتفق له أن يرى مرآة في يد الأشل، فالغرابة في هذا التشبيه من وجهين2.
والمراد بالتفصيل أن يُنظر في أكثر من وصف واحد لشيء واحد أو أكثر، وذلك يقع على وجوه كثيرة، والأغلب الأعرف منها وجهان:
أحدهما: أن تأخذ بعضا3 وتدع بعضا، كما فعل امرؤ القيس في قوله:
حملت ردينيا كأن سنانه ... سنا لهب لم يتصل بدخان4
ففصل السنا عن الدخان، وأثبته مفردا5.
والثاني: أن يعتبر الجميع، كما فعل الآخر في قوله:
وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى ... كعنقود ملاحية حين نَوَّرا6
فإنه اعتبر من الأنجم الشكل والمقدار واللون، واجتماعها على المسافة المخصوصة في القرب، ثم اعتبر مثل ذلك في العنقود المنوَّر من الملاحية.
وكلما كان التركيب من أمور أكثر كان التشبيه أبعد وأبلغ؛ كقوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا