والأصل في الكاف ونحوها1 أن يليها المشبه به2، وقد يليها مفرد لا يتأتى التشبيه به3.
وذلك إذا كان المشبه به مركبا؛ كقوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} 4؛ إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء، ولا بمفرد آخر يُتَمَحَّل لتقديره5؛ بل المراد تشبيه حالها في نضارتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء بحال النبات يكون أخضرَ وارفا، ثم يهيج فتطيّره الرياح كأن لم يكن.
وأما قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} 6 فليس منه؛ لأن المعنى: كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى, حين قال لهم: من أنصاري إلى الله؟ 7.
وقد يذكر فعل8 ينبئ عن التشبيه؛ كعلمت في قولك: "علمت زيدا أسدا"، ونحوه9.
هذا إذا قرب التشبيه، فإن بُعِّد أدنى تبعيد قيل: "خلته وحسبته"، ونحوهما10.