ومنها الإنكار1: إما للتوبيخ، بمعنى: ما كان ينبغي أن يكون2 نحو: "أعصيتَ ربك؟ " أو بمعنى: لا ينبغي أن يكون3؛ كقولك للرجل يضيع الحق: "أتنسى قديم إحسان فلان؟ " وكقولك هذا للرجل يركب الخَطَر: أتخرج في هذا الوقت؟ أتذهب في غير الطريق؟ والغرض بذلك تنبيه السامع حتى يرجع إلى نفسه فيخجل أو يرتدع عن فعل ما همّ به.
وإما للتكذيب بمعنى: "لم يكن" كقوله تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا} [الإسراء: 40] وقوله: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات: 153] ، أو بمعنى: لا يكون؛ نحو: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28] ، وعليه قول امرئ القيس "من الطويل":
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال؟ 4
فيمن روى "أيقتلني؟ "5 بالاستفهام. وقول الآخر "من الطويل":
أأترك أن قلّت دراهم خالد ... زيارته؟ إني إذن للئيم6
والإنكار كالتقرير يشترط "فيه" أن يلي المنكر الهمزة، كقوله تعالى: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} [الأنعام: 40] ، {أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا} [الأنعام: 14] ، {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ}