إنكارهم إياه1. ونحوه: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر: 22، 23] ؛ فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان لشدة حرصه على هداية الناس يكرر دعوة الممتنعين عن الإيمان، ولا يرجع عنها، فكان في معرض من ظن أنه يملك مع صفة الإنذار إيجاد الشيء فما يمتنع قبوله إياه، أو قلبا؛ كقوله تعالى حكاية عن بعض الكفار: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [إبراهيم: 10] ، أي: أنتم بشر لا رسل، نزّلوا المخاطَبين2 منزلة من ينكر أنه بشر؛ لاعتقاد القائلين3 أن الرسول لا يكون بشرا مع إصرار المخاطبين على دعوى الرسالة. وأما قوله تعالى4 حكايةً عن الرسل: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} فمن مجاراة الخصم للتبكيت والإلزام والإفحام5؛ فإن من عادة من ادعى عليه خصمه الخلاف في أمر هو لا يخالف فيه؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015