بالموصوف1 كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام: 36] ؛ فإن كل عاقل يعلم أن الاستجابة لا تكون إلا ممن يسمع. وكذا قولهم: "إنما يعجل من يخشى الفوت"، قال الشيخ عبد القاهر2: "لا تحسن مجامعته له في المختص كما تحسن في غير المختص، وهذا أقرب3، قيل: ومجامعته له إما مع التقديم كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} [الغاشية: 21، 22] ، وإما مع التأخير؛ كقولك: "ما جاءني زيد, وإنما جاءني عمرو"، وفي كون نحو هذين مما نحن فيه نظر4.
الرابع: أن أصل الثاني أن يكون ما استُعمل له مما يجهله المخاطَب وينكره5؛ كقولك لصاحبك وقد رأيت شبحا من بعيد: "ما هو إلا زيد" إذا وجدتَه يعتقده غير زيد، ويصر على الإنكار، وعليه قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 62] .
وقد يُنَزَّل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب؛ فيستعمل له الثاني إفرادا؛ نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] ، أي: إنه -صلى الله عليه وسلم- مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبرِّي من الهلاك؛ نزّل استعظامهم هلاكه منزلة