وقوله "من الكامل":
لو شئت لم تفسد سماحة حاتم ... كرما ولم تهدم مآثر خالد1
فإن كان في تعلق الفعل به غرابة ذكرت المفعول لتقرره في نفس السامع وتؤنسه به، يقول الرجل يخبر عن عزه: لو شئت أن أرد على الأمير رددت، وإن شئت أن ألقى الخليفة كل يوم لقيته. وعليه قول الشاعر "من الطويل":
ولو شئت أن أبكي دما لبكيته ... عليه ولكن ساحة الصبر أوسع2
فأما قول أبي الحسين علي بن أحمد الجوهري أحد شعراء الصاحب ابن عباد "من الطويل":
فلم يبق مني الشوق غير تفكري ... فلو شئت أن أبكي بكيت تفكرا
فليس منه؛ لأنه لم يرد أن يقول: فلو شئت أن أبكي تفكرا بكيت تفكرا، ولكنه أراد أن يقول: أفناني النحول فلم يبق مني وفي غير خواطر تجول، حتى لو شئت البكاء فمريت جفوني، وعصرت عيني ليسيل منها دمع لم أجده، ولخرج منها بدل الدمع التفكر؛ فالمراد بالبكاء في الأول الحقيقي، وفي الثاني غير الحقيقي، فالثاني لا يصلح لأن يكون تفسيرا للأول3.
وإما لدفع أن يتوهم السامع في أول الأمر إرادة شيء غير المراد؛ كقول البحتري:
وكم ذدت عني من تحامل حادث ... وسَوْرة أيام حَزَزْن إلى العظم4