والمعنى يجمعهما الاشتقاق الأَوسط الَّذى هو عَقْد تقاليب الكلمة على معنى جامع.
وأَمّا الوَجَلُ فَرَجَفَانُ القلب وانصداعُه لذكْر مَنْ يُخَافُ سلطانُه وعقوبته أَو لرؤيته.
وأَمّا الهيبةُ فخوفٌ مقارِنٌ للتعظيم والإِجلال. وأَكثر ما يكون مع المحبة والإِجلال.
فالخوف لعامّة المؤمنين، والخشية للعلماءِ العارفين، والهيبةُ للمحبّين، والوَجَل للمقرَّبين. وعلى قدر العلم والمعرفة يكون الخشية، كما قال النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم "إِنى لأَعلمكم بالله وأَشدّكم له خشية" وقال: "لو تعلمون ما أَعلم لضحكتم قليلاً ولَبَكَيْتُم كثيراً، ولَمَا تلذَّذتم بالنِّساءِ على الفُرُش، ولخرجتم إِلى الصّعدات تجأَرون إِلى الله تعالى" فصاحب الخوف يلتجئ إِلى الهَرَب والإِمساك، وصاحب الخشية إِلى الاعتصام بالعلم، ومَثَلهما كَمَثل مَن لا علم له بالطِّب ومثل الطَّبيب الحاذق. فالأَوّل يلتجئ إِلى الحِمْية والهرب، والطَّبيب يلتجئ إِلى معرفته بالأَدْوية والأَدواءِ. وكلّ واحد إِذا خفته هَرَبت منه، إِلا الله، فإِنك إِذا خفته هربت إِليه. فالخائف هاربٌ من ربّه إِلى ربه.