فَمثل لنَفسك صَوت انشقاقها فِي سَمعك وَكَيف يثبت لَهُ فُؤَادك ويستقر لفظاعة هوله قدمك فَقدم فِي أَيَّام حياتك مَا يقيك تِلْكَ الْأَهْوَال لِأَن الْخلق فِي أهوال يَوْم الْقِيَامَة على قدر أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا من خير وَشر فَمن عمل صَالحا وَخَافَ من ربه وَخَافَ من هول ذَلِك الْيَوْم آمنهُ مَوْلَاهُ من جَمِيع أهواله وكروبه وَمن لم يقدم فِي دُنْيَاهُ عملا صَالحا لأخراه لَقيته صعاب الخطوب وترادفت عَلَيْهِ الهموم والكروب فيندم حِين لَا تَنْفَعهُ الندامة إِذا حل فِي أهوال الْقِيَامَة
رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى إِذا خافني عَبدِي فِي الدُّنْيَا آمنته يَوْم الْقِيَامَة وَإِذا آمنني فِي الدُّنْيَا أخفته يَوْم الْقِيَامَة) فَإِذا انشقت السَّمَوَات بلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وأيقن كل عبد وَأمة أَنه قادم على مَا عمل فِي الظَّوَاهِر والسرائر إِذا انشقت السَّمَاوَات عظمت المصائب وَكَثُرت النوائب وَنَدم العَبْد على مَا فرط فِي الدُّنْيَا وضيع من الثَّوَاب والرغائب
فَإِذا انشقت السَّمَاوَات عظمت الرزيات وَكَثُرت الْآفَات وَظهر الْعَذَاب وحلت الْعُقُوبَات وَأظْهر الله مخبآت السريرات وَنَدم العَبْد الْمَغْرُور على مَا أذْنب فِي الْأَيَّام والأوقات وَمَا جنى فِي الشُّهُور والساعات
فَإِذا انشقت السَّمَاوَات كثرت الأحزان وبرزت النيرَان وأزلفت الْجنان وَنَدم العَاصِي على مَا عمل من الْعِصْيَان وعَلى مَا فرط فِيهِ من طَاعَة الرَّحْمَن فانتبهوا لهَذِهِ الْأَهْوَال يَا معشر الأخوان يَا أهل الْإِسْلَام وَالْإِيمَان فَإِن الهول وَالله عَظِيم والخطب كَبِير جسيم
فَإِذا انشقت السَّمَاوَات وتقطعت وَنزلت الْمَلَائِكَة بأجمعها فَإِذا نزلت مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا فزع مِنْهُم أهل الأَرْض وظنوا أَنهم قد أَمر فيهم بِأَمْر فَتَقول لَهُم مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا لَا تجزعوا منا فَإنَّا نَخَاف من الَّذِي تخافون وَتَكون مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا أَكثر من أهل الأَرْض إنسها وجنها وأنعامها وطيرها ووحشها وَجَمِيع مَا خلق برهَا وبحرها سبعين ضعفا فَتبقى الْعباد يموج بَعضهم فِي بعض