وَالنَّفقَة فِيهِ فِي غير الله متلوفة
فَإِذا كَانَ هَذَا الْيَوْم تخلف فِيهِ النَّفَقَات فَأولى أَن تغْفر فِيهِ الخطيئات وتتضاعف فِيهِ الْحَسَنَات وينجي الله فِيهِ الْمُؤمنِينَ من الْعَذَاب والعقوبات يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَوَات وَتظهر فِيهِ السرائر والخفيات
وأنشدوا
(يَا جَامع المَال يَرْجُو أَن يَدُوم لَهُ ... كل مَا اسْتَطَعْت وَقدم للموازين)
(وَلَا تكن كَالَّذي قد قَالَ إِذْ حضرت ... وَفَاته ثلث مَالِي للْمَسَاكِين)
رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الصَّدَقَة أفضل فَقَالَ (أَن تَتَصَدَّق وَأَنت صَحِيح حَرِيص شحيح تَأمل الْعَيْش وتخشى الْفقر وَلَا تمهل حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم قلت لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا
ذكر أَن رجلا مَاتَ بِالْمَدِينَةِ من أهل الْيمن وَخلف مَالا كثيرا فَأخْبر بِخَبَرِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَل من وَارِث فَقَالُوا لَا يَا رَسُول الله فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من لَا وَارِث لَهُ فَمَاله لبيت مَال الْمُسلمين) فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحضر المَال فَيَجِيء بِالْمَالِ إِلَى الْمَسْجِد فَوضع حَتَّى غَابَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْجَانِب وَغَابَ النَّاس من الْجَانِب الآخر من حلي وَذهب وورق وَثيَاب
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ارْفَعُوا المَال إِلَى بَيت مَال الْمُسلمين) فَرفع كَمَا أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالْتَفت عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَسْجِد فَوجدَ فرْصَة من ذهب فِيهَا قِيرَاط فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذِه من ذَلِك المَال فَأَخذهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووضعها فِي كَفه وَجعل يقلبها فِي يَده ثمَّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو تصدق بهَا فِي حَيَاته حِين كَانَ صَحِيحا شحيحا يأمل الْعَيْش ويخشى الْفقر كَانَت أحب إِلَيْهِ من هَذَا المَال كُله يُعْطي من بعده فِي سَبِيل الله فَالله الله عباد الله اسمعوا صَوَاب الْمقَال وَبَادرُوا إِلَى حسن الفعال وَلَا تغتروا بالعز وَالْمَال
فَإِن المَال يذهب وَالدُّنْيَا تخرب ونفسك تَمُوت والمرد غَدا إِلَى الْحَيّ الدَّائِم الْبَاقِي الَّذِي لَا يَمُوت وَاعْلَم يَا أخي أَنَّك مُرْتَهن بِالذنُوبِ وَأَنت محاسب مَطْلُوب مسئول بَين يَدي علام الغيوب فاستعد للسؤال وتهيأ للجدال فِي يَوْم تشيب فِيهِ الرؤوس وتضيق من فظاعة هولة النُّفُوس ذَلِك يَوْم هائل عبوس
يَوْم تضع فِيهِ الْحَوَامِل أحمالها وتزلزل الأَرْض زِلْزَالهَا وَتخرج