فص خَاتمِي وتصدقي بِثمنِهِ فَعَسَى الله يرحمني
فَقلت لَهَا قد غفر الله لَهُ ورحمه ثمَّ أخْبرتهَا بِالَّذِي رَأَيْت فَالله الله معشر المخلصين تضرعوا إِلَى ربكُم قبل يَوْم موتكم فعساه أَن يَرْحَمكُمْ ويتجاوز عَن سَيِّئَاتكُمْ
فَذَلِك عَلَيْهِ يسير وَهُوَ على كل شَيْء قدير وأنشدوا
(رَأَيْت الْمَرْء تَأْكُله اللَّيَالِي ... كَأَكْل الأَرْض سَاقِطَة الْحَدِيد)
(وَلَا تَجِد الْمنية حِين تَأتي ... على نفس ابْن آدم من مزِيد) (
(فَلَا تغفل فديتك عَن منون ... تَدور رحاه بالهول الشَّديد)
فكأ نكم بِالْأَعْمَالِ قد انْقَضتْ وبالدنيا قد مَضَت فَاسْتَعدوا بذخائر الْأَعْمَال لما تلقوا من عَظِيم الْأَهْوَال وَقد نُودي فِيكُم بالتحويل وَقد قرب مِنْكُم الرحيل
حُكيَ عَن بعض الْخَائِفِينَ أَنه قَالَ كَانَ فِي جواري شَاب وَكَانَ يتشاغل بالبطالة والجهالة مَا رَأَيْته صَاحِيًا من السكر قطّ وعهدي بِهِ البارحة وَقد رفع صَوته على أمه فِي سَاعَتِي هَذِه
فأخبرتني أَنه أصبح مَيتا من غير عِلّة وَلَا مرض وَسَأَلتنِي فِي كَفنه فزجرتها وَقلت الْحَمد لله الَّذِي أراحنا مِنْهُ فمضت مدحورة فرق لَهَا قلبِي وَقلت إِن الرَّحْمَة لَا تضيق على المذنبين من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبعثت من سَاعَتِي فِي طلبَهَا وعزيتها وصبرتها واشتريت لَهَا كفنا وَحَضَرت جنَازَته
فعرفني بعض أَصْحَابنَا أَنه رَآهُ فِي الْمَنَام وَأَنه سَأَلَهُ مَا فعل الله بِهِ فَقَالَ قدمت على الله تَعَالَى وَكنت قد دخلت قبل وفاتي الْحمام فَرَأَيْت شخصا مَيتا مقْعدا فتوليت غسله ونظافته وَحمله إِلَى بَيته فَقَالَ غفر الله لَك ذنوبك كلهَا فصادفت دَعوته إِجَابَة فغفر الله تَعَالَى لي وَأَنا فِي الْجنَّة مَعَ التَّعَلُّق بِالسنةِ غفر الله لنا أَجْمَعِينَ وأماتنا مُسلمين وَختم لنا بخواتيم الصَّالِحين إِنَّه على ذَلِك قدير
وأنشدوا
(لَا تأسفن على الدُّنْيَا وحليها ... فالموت لَا شكّ يفنينا ويفنيها)
(واعمل لدار يكن رضوَان خازنها ... وَالْجَار أَحْمد والرحمن عاليها)
(أَرض لَهَا ذهب والمسك طينتها ... والزعفران حشيش نابت فِيهَا)
(أنهارها لبن مَحْض وَمن عسل ... وَالْخمر يجْرِي رحيقا فِي مجاريها)
(وَالطير تجْرِي على الأغصان عاكفة ... تسبح الله جَهرا فِي مغانيها)