جذبة
فالمسكين يكابد غصص الْمنون داهش الْعقل كالمحزون
فَالله الله عباد الله أفيقوا من سكراتكم
وانتبهوا من نوماتكم واستيقظوا من غفلاتكم قبل نزُول الْمنية وحلول الرزية وَوَقع البلية
حَيْثُ لَا مَال نَافِع وَلَا حميم شَافِع وَلَا فَرح وَاقع وَلَا رَجَاء طامع وَلَا حَسَنَة تزاد وَلَا حَيَاة تُعَاد ويزودك أحبابك بالصراخ ويكثرون عَلَيْك الْبكاء والنواح فَلَا عَثْرَة تقال وَلَا رَجْعَة تنَال
وأنشدوا
(أَلا إِن أَيَّام الْحَيَاة مراحل ... طَرِيق الْفَتى مِنْهَا إِلَى الْمَوْت سَاحل)
(يسر بِمَا يمْضِي لما هُوَ آمل ... وَيَأْتِي الردي من دون مَا هُوَ آمل)
(وَمَا يَوْمه إِلَّا غَرِيم مُحكم ... إِذا مَا اقْتَضَاهُ نَفسه لَا يماطل)
(عجبت لمن يَبْغِي السَّلامَة جاهدا ... وَمر اللَّيَالِي كُلهنَّ غوائل)
(وَنحن بَنو الْأَيَّام نظلم نفوسنا ... وَنَرْجِع وَهِي القاتلات الثواكل)
(وَمن لحظ الدُّنْيَا بِعَين بَصِيرَة ... رأى عينهَا فِي نَفسه وَهُوَ شائل)
أَيهَا الْإِنْسَان وكلنَا ذَلِك الْإِنْسَان اسْتَيْقَظَ من غفلتك وهب من رقدتك
قد آن أَن يَدعِي إِلَيْك الطَّبِيب بِجمع الدَّوَاء فَلَا يُرْجَى لَك مِمَّا نزل بك الشِّفَاء
ثمَّ يُقَال فلَان قد أوصى وَجَمِيع مَا لَهُ قد أحصى
قد تَبرأ من الدُّنْيَا وعلائقها وَأَقْبل إِلَى الْآخِرَة وحقائقها
ثمَّ ضعف جنانك وَثقل لسَانك وَانْقطع عَن كلامك فَلَا تكلم إخوانك وَكَثُرت خطوبك وعظمت كروبك إِذا عرضت عَلَيْك عِنْد كشف الغطاء ذنوبك واشتدت الأحزان وَعلا صُرَاخ النسوان وحزن الصّديق الْوَدُود وَفَرح الْعَدو الحسود ثمَّ يُقَال لَك هَذَا ولدك الصَّغِير وَهَذَا الْكَبِير وَهَذِه بنتك الْكُبْرَى وَهَذِه شقيقتها الصُّغْرَى فَلَا ترد عَلَيْهِم جَوَابا وَلَا يَسْتَطِيع لسَانك خطابا ثمَّ اشْتَدَّ بك النزع والسياق إِذا الْتفت السَّاق بالساق وانتزع ملك الْمَوْت روحك الضَّعِيف وعرج بِهِ إِلَى مَوْلَاك الرب اللَّطِيف يجازيك على مَا قدمت فِي سالف الْأَيَّام ويسألك عَمَّا اكْتسبت من الْحَلَال وَالْحرَام
وَأمر بك إِمَّا إِلَى جنَّة عالية ذَات نعيم وخلود وَإِمَّا إِلَى نَار حامية ذَات جحيم ووقود وزودت من مَالك حنوطا وكفنا وَنزلت فِي رمسك بعملك مرتهنا
وَانْصَرف أهلك لقسمة مَا خلفت من الْأَمْوَال وَمَا سعيت فِيهِ من الْحَرَام والحلال
وأنشدوا