(وجررت أذيال البطالة لاهيا ... كَأَنَّك لم يكْتب عَلَيْك ذنُوب)

(أمليت كتاب الشمَال صحائفا ... بِكَثْرَة مَا تَأتي وَلست تتوب)

(وَمهما يغب عَنْك الْحمام لمُدَّة ... ستبلغها حتما وَأَنت كئيب)

(فَقل لي إِذا وافى على غير أهبة ... بِأَيّ جَوَاب إِن دعيت تجيب)

فَالله الله عباد الله عظوا أَنفسكُم بِآبَائِكُمْ وأحبابكم وجيرانكم وَإِخْوَانكُمْ فَإِن فِي ذَلِك بلاغا لم تذكر وعبرة لم تفكر إخْوَانكُمْ كَانُوا بالْأَمْس مَعكُمْ يَأْكُلُون مَا تَأْكُلُونَ وَيلبسُونَ مِمَّا تلبسُونَ فاصبحوا الْيَوْم وَقد صَارَت الْقُبُور لَهُم بُيُوتًا وصاروا بَين أطباق الثرى خفوتا قد قسم الْوَارِث أَمْوَالهم ونكح الْعَدو وَالصديق عِيَالهمْ وأهان الْعَدو أطفالهم

قد هتكت مِنْهُم الأستار وَاسْتَوْحَشْت مِنْهُم الديار وتحدثت عَنْهُم الْأَخْبَار

وأنشدوا

(رَأَيْت الْمَوْت لَا يبقي خَلِيلًا ... على خل وَإِن عاشا زَمَانا)

(فَكُن مِنْهُ على حذر فَإِنِّي ... رَأَيْت الْمَوْت لَا يُعْطي أَمَانًا)

(أنسنا غرَّة مِنْهُ كأنا ... بِمَا نعني بِهِ يَعْنِي سوانا)

(وَكم للْمَوْت من دَار وَدَار ... أبان عميرها عَنْهَا فبانا)

(فكم ذِي نخوة وعزيز قوم ... أذلّ الْمَوْت عزته فهانا)

(كأنا قد نَظرنَا عَن قريب ... إِلَى مَا قد وعدناه عيَانًا)

276 - شدَّة الْمَوْت

رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْمَوْت وغمه وكربه فَقَالَ (هُوَ أَشد من ثَلَاثمِائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ) فيا معشر الموقنين بنزوله مَا هَذِه الفترة وَمَا هَذِه السكرة من ذكر الْمَوْت قل فرحه وحسده ورغبته

رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا رأى فَتْرَة أَو غَفلَة من النَّاس وقف بِبَاب الْمَسْجِد فَأخذ بأعضاد الْبَاب ثمَّ صَاح بأعلا صَوته يَا أَيهَا النَّاس الْمَوْت الْمَوْت جَاءَكُم الْمَوْت بالوحية سَعَادَة أَو شقوة جَاءَكُم الْمَوْت بِمَا جَاءَ بِهِ بِالروحِ والراحة والكرامة الرابحة فِي جنَّة عالية لأولياء الله من أهل دَار الخلود الَّذين سَعْيهمْ لَهَا ورغبتهم فِيهَا أَلا إِن لكل ساع غَايَة وَغَايَة كل ساع الْمَوْت جَاءَكُم الْمَوْت بِمَا جَاءَ بِهِ بالخزي والندامة والمكرمة الخاسرة فِي نَار حامية لأولياء الشَّيْطَان من أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015