فَلَا يقدر أَن يتَنَاوَلهُ بِيَمِينِهِ لِأَن يَمِينه مخلوعة من مَنْكِبه فَيتَنَاوَل كِتَابه بِشمَالِهِ فَيُقَال لَهُ فض خَاتم الْكتاب فيفضه وَيُقَال لَهُ انشر كتابك اقْرَأ فينشر الصَّحِيفَة وَهِي سَوْدَاء فَيبْدَأ بباطن الْكتاب فتستقبله حَسَنَاته فَيَقْرَؤُهَا ويفرح ويظن أَنه سينجو من عَذَاب الله تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى إِذا بلغ آخر الصَّحِيفَة وجد فِيهَا هَذِه حَسَنَاتك قد ردَّتْ عَلَيْك لِأَنَّك لم ترد بهَا وَجه الله تَعَالَى وَالدَّار الْآخِرَة وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون} هود 15 أَي لَا ينقصُونَ تعجل لَهُم فِي الدُّنْيَا أجور أَعْمَالهم وَلَا يثابون فِي الْآخِرَة بِشَيْء من أَعْمَالهم وَلَا تجَاوز عَنْهُم فِي شَيْء من أَعْمَالهم السَّيئَة حَتَّى يعذبهم الله تَعَالَى عَلَيْهَا وأعمالهم الْحَسَنَة أحبطها الله عز وَجل بالْكفْر والأعمال الصَّالِحَة الَّتِي يُرَاد بهَا وَجه الله تبَارك وَتَعَالَى يجازي الله تَعَالَى عز وَجل أَصْحَابهَا بالثواب الْبَاقِي وَهُوَ نعيم الْجنَّة وَالنَّظَر إِلَى وَجه الله الْكَرِيم فَوجه الله بَاقٍ ونعيم الْجنَّة بَاقٍ لِأَن الله تَعَالَى خلق الْجنَّة ثَوابًا لأهل الْأَعْمَال الصَّالِحَة الَّتِي يُرَاد بهَا وَجه الله تَعَالَى {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} الْقَصَص 88 وكل عمل يُرَاد بِهِ وَجه الله لَا يهْلك يبْقى ثَوَابه لصَاحبه وثوابه الْجنَّة فَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى يثيب على الْعَمَل الْبَاقِي بالنعيم الدَّائِم الْبَاقِي ويثيب على الْعَمَل الفاني وَهُوَ مَا يعْمل للدنيا وَزينتهَا بِالْعرضِ الفاني وَهُوَ حطام الدُّنْيَا وَالْمُؤمن لَا يرضى الله عز وَجل أَن يثيبه على عمله الصَّالح بِعرْض الدُّنْيَا وَإِن وسع عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّمَا يُعْطِيهِ ذَلِك زِيَادَة مَعُونَة يَسْتَعِين بهَا على طَاعَته وَأجر عمله أدخره لَهُ ليَوْم فقره إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ ثمَّ يُقَال للأسود بن عبد الأسد إقلب كتابك فاقرأ فيقلب ظَاهره فتستقبله سيئاته مثل الْجبَال الرواسِي وَهِي سود بِخَط أسود لِأَنَّهَا محبوطة بالْكفْر غير مَقْبُولَة فَأول سَيِّئَة يقْرؤهَا يسود وَجهه ويسمج لَونه كلما قَرَأَ سَيِّئَة ازْدَادَ سماجة وقبحا فَإِذا بلغ آخر الصَّحِيفَة وجد فِيهَا هَذِه سيئاتك قد أضعفت إِنِّي قد أَضْعَف عَلَيْك الْعَذَاب بعملك السَّيِّئَات
فَيرجع وَجهه أَشد سوادا من القار وَهُوَ الزفت ويعظم جسده للنار حَتَّى يكون مَا بَين مَنْكِبَيْه مسيرَة شهر وَغلظ كل فَخذ من فخديه مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام وَمَا بَين شَفَتَيْه الْعليا والسفلى أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَقد خرجت أنيابه وأضراسه من بَين شَفَتَيْه