اشتهوها نزلت عَلَيْهِم حَتَّى تدخل عَلَيْهِم فِي مَنَازِلهمْ فتدنو مِنْهُم فَيَأْكُلُونَ من ثمارها مَا يشتهون وهم نيام أَو قعُود أَو قيام على أَي حَال أَرَادوا ثمَّ ترجع إِلَى أماكنها وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} الحاقة 24 لَا موت فِيهَا وَلَا حزن {بِمَا أسلفتم فِي الْأَيَّام الخالية} الحاقة 24 يَعْنِي الْأَيَّام االماضية وَهِي أَيَّام الدُّنْيَا الَّتِي أطاعوا الله تبَارك وَتَعَالَى فِيهَا واستقاموا وَلم يزوغوا عَن طَاعَته
وأنشدوا
(ببابك عبد من عبيدك مذنب ... كثير الْخَطَايَا جَاءَ يَسْأَلك العفوا)
(فَأنْزل عَلَيْهِ الْعَفو يَا من بمنه ... على قوم مُوسَى أنزل الْمَنّ والسلوى)
(أَنا عَبدك الْمِسْكِين فَارْحَمْ تضرعي ... وَلَا تجْعَل النيرَان يَا رب لي مثوى)
(وخفف من الْعِصْيَان ظَهْري إِنَّنِي ... بلغت من الأوزار غايتها القصوى)
فَهَذَا عبد الله بن عبد الْأسد الَّذِي أنزل الله تَعَالَى فِي هَذِه الْآيَة وعَلى سيرته فِي الْحساب تجْرِي سير الْمُؤمنِينَ من أمة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قدر أَحْوَالهم واجتهادهم فِي الدُّنْيَا فِي الْخَيْر والاستقامة على طَاعَة الله
وَأما قَوْله تَعَالَى {وَأما من أُوتِيَ كِتَابه بِشمَالِهِ} الحاقة 25 فَهُوَ الْأسود بن عبد الْأسد المَخْزُومِي وَهُوَ أَخُو عبد الله بن عبد الْأسد وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى يَدْعُو بِهِ على أثر أَخِيه عبد الله فَيدْخل الْأسود حَتَّى يُوقف وَبَينه وَبَين الله عز وَجل حجاب السخط فَيكون من وَرَاء الْحجاب لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى لَا يرَاهُ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ وَأما الْكفَّار فَلَا يرونه قَالَ الله تَعَالَى {كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون} المطففين 15 فَيُوقف الْأسود بَين يَدي الْمَلَائِكَة يرتعد من خوف الْعَذَاب وَالْمَلَائِكَة الَّذين مَعَه هم مَلَائِكَة الْعَذَاب فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ يَأْتِيهِ ملك من مَلَائِكَة السخط فَيَأْخُذ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثمَّ يهزها فيخلعها من موضعهَا فيعلقها من صلبه بجلده ثمَّ يَأْخُذ بِرَأْسِهِ فيلوي عُنُقه فيحول وَجهه فِي قَفاهُ
ثمَّ يَأْتِيهِ ملك من وَرَاء ظَهره فِي يَده صحيفَة سَوْدَاء فِيهَا كتاب بِخَط أسود فِي بَاطِن الْكتاب حَسَنَاته وَفِي ظَاهره سيئاته وَالْكتاب مختوم فَيُقَال لَهُ هَذَا كتابك خُذْهُ