لِأَنَّ الرَّدَّ حِينَئِذٍ سُوءُ ظَنٍّ بِمُسْلِمٍ وَهُوَ حَرَامٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُ فِي عُذْرِهِ (يَكُونُ قَبُولُهُ عَفْوًا وَهُوَ) أَيْ الْعَفْوُ (لَيْسَ بِوَاجِبٍ) بَلْ مَنْدُوبٌ - {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237]- بَلْ يَجُوزُ الِانْتِصَارُ وَالْعَفْوُ أَوْلَى لَكِنْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مُحِقًّا كَانَ أَوْ مُبْطِلًا كَمَا أُشِيرَ آنِفًا بِالرِّوَايَتَيْنِ يُشِيرُ إلَى عُمُومِ الْوُجُوبِ إلَيْهِ فَافْهَمْ.

[الْخَمْسُونَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ]

(الْخَمْسُونَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ) اعْلَمْ أَنَّ التَّفْسِيرَ تَفْعِيلٌ مِنْ الْفَسْرِ وَهُوَ الْبَيَانُ وَالْكَشْفُ وَيُقَالُ هُوَ مَقْلُوبُ السَّفْرِ تَقُولُ أَسْفَرَ الصُّبْحُ إذَا أَضَاءَ وَالتَّأْوِيلُ مِنْ الْأَوْلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُمَا وَقِيلَ مُتَّحِدَانِ وَأَنْكَرَ وَقَالَ الرَّاغِبُ التَّفْسِيرُ أَعَمُّ وَكَثُرَ فِي الْأَلْفَاظِ وَمِفْرَادَتِهَا وَكَثُرَ التَّأْوِيلُ فِي الْمَعَانِي وَالْجُمَلِ وَقِيلَ التَّفْسِيرُ بَيَانُ لَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا وَجْهًا وَاحِدًا وَالتَّأْوِيلُ تَوْجِيهُ لَفْظٍ مُحْتَمِلٍ إلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا بِمَا ظَهَرَ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَقَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ التَّفْسِيرُ الْقَطْعُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اللَّفْظِ هَذَا وَالشَّهَادَةُ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ عَنَى بِاللَّفْظِ هَذَا فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ مَقْطُوعٌ بِهِ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَتَفْسِيرٌ بِالرَّأْيِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالتَّأْوِيلُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَاتِ بِدُونِ الْقَطْعِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ الثَّعْلَبِيُّ التَّفْسِيرُ بَيَانُ وَضْعِ اللَّفْظِ إمَّا حَقِيقَةً وَمَجَازًا كَتَفْسِيرِ الصِّرَاطِ بِالطَّرِيقِ وَالصَّيِّبِ بِالْمَطَرِ وَالتَّأْوِيلُ تَفْسِيرُ بَاطِنِ اللَّفْظِ مَأْخُوذًا مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ لِعَاقِبَةِ الْأَمْرِ فَالتَّأْوِيلُ إخْبَارٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْمُرَادِ وَالتَّفْسِيرُ إخْبَارٌ عَنْ دَلِيلِ الْمُرَادِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ مِنْ الرَّصَدِ يُقَالُ رَصَدْتُهُ رَقَبْتُهُ وَالْمِرْصَادُ مِفْعَالٌ مِنْهُ وَتَأْوِيلُهُ التَّحْذِيرُ مِنْ التَّهَاوُنِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْغَفْلَةِ عَنْ الْإِلَهِيَّةِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْعَرْضِ عَلَيْهِ وَقَوَاطِعُ الْأَدِلَّةِ تَقْتَضِي بَيَانَ الْمُرَادِ مِنْهُ عَلَى خِلَافِ وَضْعِ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرُ إمَّا مُسْتَعْمَلٌ فِي غَرِيبِ الْأَلْفَاظِ نَحْوَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ أَوْ فِي حَيِّزٍ بَيِّنٍ بِشَرْحِهِ نَحْوُ {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] .

وَأَمَّا فِي كَلَامٍ مُتَضَمِّنٍ لِقِصَّةٍ لَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [البقرة: 189] وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فَيُسْتَعْمَلُ مَرَّةً عَامًّا وَمَرَّةً خَاصًّا نَحْوُ الْكُفْرِ الْمُسْتَعْمَلِ تَارَةً فِي الْجُحُودِ الْمُطْلَقِ وَتَارَةً فِي جُحُودِ الْبَارِي تَعَالَى خَاصَّةً وَالْإِيمَانِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْجِدَةِ وَالْوَجْدِ وَالْوُجُودِ وَقِيلَ يَتَعَلَّقُ التَّفْسِيرُ بِالرِّوَايَةِ وَالتَّأْوِيلُ بِالدِّرَايَةِ وَزِيَادَةُ تَفْصِيلِهِ فِي الْإِتْقَانِ وَمِفْتَاحِ السَّعَادَةِ وَأَوَائِلِ تَفْسِيرِ الْعُيُونِ وَأَمَّا التَّفْسِيرُ بِالرَّأْيِ فَهُوَ التَّكَلُّمُ فِي الْقُرْآنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِلَا بَصِيرَةٍ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَأَسَالِيبِ كَلَامِهِمْ وَأَسْبَابِ النُّزُولِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَكَلَامِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَقَالَ {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169] .

(د ت عَنْ جُنْدَبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَالَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ» «بِرَأْيِهِ» بِمَا سَنَحَ فِي ذِهْنِهِ وَخَطَرَ بِبَالِهِ مِنْ غَيْرِ دِرَايَةٍ بِالْأُصُولِ وَلَا خِبْرَةٍ بِالْمَنْقُولِ «فَأَصَابَ» أَيْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015