(بَذِيِّ اللِّسَانِ) بِالْمُوَحَّدَةِ فَالْمُعْجَمَةِ فَاحِشٍ (مُدَّةً مَدِيدَةً وَكُنْت أَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ) بِالتَّهَوُّرِ وَفُحْشِ اللِّسَانِ (وَأَكْظِمُ غَيْظِي) أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ الِانْتِقَامِ بِالتَّكْلِيفِ (حَتَّى صَارَ مَلَكَةً لِي) رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ إنِّي تَعَلَّمْت الْحِكْمَةَ مِنْ الْحَمْقَاءِ وَالْأَدَبَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ أَدَبٌ فَإِنِّي كُلَّمَا رَأَيْت مِنْهُمْ فِعْلًا مُخَالِفًا لِطَبْعِي وَقَبِيحًا فِي مَنْظَرِي تَعَوَّدْت الْمُخَالَفَةَ إيَّاهُمْ فَإِنْ قِيلَ أَصْلُ كُلِّ خُلُقٍ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ وَهُوَ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لَا فِعْلٌ كَسْبِيٌّ فَكَيْفَ يَنْقَلِبُ الضَّرُورِيُّ كَسْبِيًّا بِتَكَلُّفِ الْعَبْدِ قُلْنَا لَعَلَّ أَصْلَهُ بَاقٍ عَلَى خِلْقَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَالتَّغَيُّرُ وَالتَّبَدُّلُ بِالتَّكَلُّفِ إنَّمَا هُوَ لِأَثَرِهِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ بَعْضٍ أَنَّ الْخُلُقَ مِنْ قَبِيلِ الْفِعْلِ فَلَا كَلَامَ فِي صِحَّةِ تَبَدُّلِهِ حِينَئِذٍ وَالسَّابِقُ إلَى الْخَاطِرِ مِنْ عِبَارَاتِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَمِنْ الْفِعْلِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ (وَهَكَذَا) كَتَحْصِيلِ الْحِلْمِ بِالتَّحَلُّمِ (طَرِيقُ تَحْصِيلِ كُلِّ خُلُقٍ حَسَنٍ كَالتَّوَاضُعِ وَالسَّخَاءِ وَالشَّجَاعَةِ أَعْنِي) بِالتَّشْبِيهِ فِي تَحْصِيلِ مَا ذُكِرَ بِتَحْصِيلِ الْحِلْمِ (الْمُمَارَسَةُ الْكَثِيرَةُ بِالتَّكَلُّفِ إلَى أَنْ تَكُونَ كَيْفِيَّةً رَاسِخَةً وَكَذَا) كَحُصُولِ الْأَخْلَاقِ بِالتَّكَلُّفِ (طَرِيقُ إزَالَةِ كُلِّ خُلُقٍ سَيِّئٍ كَالْكِبْرِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ) الْأَوَّلُ ضِدٌّ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي وَالثَّالِثُ لِلثَّالِثِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (أَعْنِي) بِجَامِعِ الشَّبَهِ (الْمُمَارَسَةَ الْكَثِيرَةَ عَلَى تَرْكِ مُقْتَضَاهُ) أَيْ الْخُلُقِ الْمَطْلُوبِ إزَالَتُهُ (وَالْعَمَلِ بِضِدِّهِ) كَمَا يُقَالُ الْأَشْيَاءُ تَنْكَشِفُ بِضِدِّهَا (إلَى أَنْ تَزُولَ تِلْكَ الْمَلَكَةُ الرَّدِيئَةُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى) وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ خُلُقٍ يَقْوَى بِالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ وَيَضْعُفُ بَلْ يُعْدَمُ بِالْعَمَلِ بِضِدِّهِ فَظَهَرَ أَنَّ طَرِيقَ التَّحْصِيلِ الْمُمَارَسَةُ الْكَثِيرَةُ عَلَى الْحَسَنِ مِنْهُ إلَى أَنْ يَكُونَ مَلَكَةً صَادِرَةً مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَأَنَّ طَرِيقَ الْإِزَالَةِ الْعَمَلُ بِالضِّدِّ وَتَرْكُهُ بِمُقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ حَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ وَفُتُورٌ حَتَّى يَزُولَ بِإِذْنِهِ تَعَالَى رَأْسًا كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ أَنَّ الْخُلُقَ طَبِيعَةٌ غَرِيزِيَّةٌ غَيْرُ مُكْتَسَبَةٍ عِنْدَ بَعْضٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ أَرْزَاقَكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ الْقُرْطُبِيِّ الْخُلُقُ جِبِلَّةٌ فِي نَوْعِ الْإِنْسَانِ وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا كَانَ مَحْمُودًا وَإِلَّا أُمِرَ بِالْمُجَاهَدَةِ فِيهِ حَتَّى يَصِيرَ مَحْمُودًا، وَكَذَا إنْ كَانَ ضَعِيفًا فَيَرْتَاضُ صَاحِبُهُ حَتَّى يَقْوَى كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ أَقُولُ هَذَا مُسْتَنِدٌ إلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْحُكَمَاءِ وَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ كَسَبِيَّةٍ.
(الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ) مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ (سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى) بِأَنَّهُ لَا يُغْفَرُ ذَنْبُهُ وَلَا يُعْطَى أَرَبَهُ (وَبِالْمُؤْمِنِينَ بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ أَوْ الشَّكِّ) بِفَسَادِهِمْ وَفِسْقِهِمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ وَأَمَّا بِهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ بُغْضٌ فِي اللَّهِ مَأْمُورٌ بِهِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ لَكِنْ قَالُوا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ إنْ رَأَى عَيْبًا فِي أَخِيهِ