نَحْوُ نِسْبَةِ تَأْثِيرِ الْأَشْيَاءِ إلَى بَعْضِ الطَّبَائِعِ، وَالْمُؤَثِّرُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى (فَمَبْنِيٌّ عَلَى الْإِلَهِيَّاتِ وَقَدْ عَرَفْت حَالَهَا) فِي الرَّدِّ.
(وَمَا لَمْ يُخَالِفْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُنْقِذِ مَا لَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ مِنْهَا كَالطِّبِّ فَلَا يُمْنَعُ. أَقُولُ لَكِنْ هِيَ لِعَدَمِ ثَمَرَةٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا كَالْعَبَثِ لَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَدِّ فِي اسْتِحْصَالِهَا فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْحَقَ بِتَضْيِيعِ الْعُمْرِ.
(وَأَمَّا السِّحْرُ) وَقَدْ تَقَدَّمَ (، وَالنِّيرَنْجَاتُ) وَيُقَالُ لَهَا الشَّعْبَذَةُ أَيْضًا فُسِّرَ بِأَنَّهُ عِلْمٌ بِكَيْفِيَّةِ اسْتِعْدَادَاتٍ تَقْدِرُ بِهَا النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ عَلَى ظُهُورِ التَّأْثِيرِ فِي الْعَنَاصِرِ (وَنَحْوِهِمَا مِنْ الشُّرُورِ، وَالْمَعَاصِي فَيَجُوزُ تَعَلُّمُهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْهَا) لَا لِلرَّغْبَةِ فِيهَا (كَمَا قِيلَ
عَرَفْت الشَّرَّ لَا لِلشَّرِّ لَكِنْ لِتَوَقِّيهِ)
أَيْ لِتَحَفُّظِهِ، وَالِاحْتِرَازِ عَنْهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّلِيلَ يَخْتَصُّ بِمَا تَكُونُ مَعْرِفَتُهُ وَسِيلَةً لِاحْتِرَازِهِ، وَالْمَطْلُوبُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَدَعْوَى كَوْنِ الْكُلِّ كَذَلِكَ بَعِيدٌ (وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ الشَّرَّ وَيَجْهَلْهُ يَقَعُ فِيهِ) لِعَدَمِ عِلْمِهِ، وَالْتِبَاسِهِ بِالْخَيْرِ لَا يُقَالُ الْمَعْرِفَةُ الْإِجْمَالِيَّةُ بَلْ التَّقْلِيدُ كَافٍ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَعْرِفَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ التَّعَلُّمِ هُوَ التَّفْصِيلُ فَلَا تَقْرِيبَ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ لَيْسَ كَالْإِجْمَالِ إذْ التَّفْصِيلُ كَالْكُنْهِ، وَالْإِجْمَالُ كَالْوَجْهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا نَعَمْ إنَّ أَصْلَ التَّوَقِّي حَاصِلٌ بِالْإِجْمَالِ لَعَلَّ تَحْقِيقَ ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِجَوَازِ ظُهُورِ سَاحِرٍ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ بِالْخَوَارِقِ السِّحْرِيَّةِ إذْ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَصَّلُ بِالتَّفْصِيلِ لَكِنَّ السَّابِقَ إلَى الْخَاطِرِ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مَظَانِّ ظُهُورِ مِثْلِ هَذَا الْمُدَّعِي وَإِلَّا فَمَا يَكُونُ فِي نُدْرَةٍ سِيَّمَا فِي غَايَتِهَا لَا يَكُونُ مَدَارًا لِتَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ.
(وَأَمَّا) (الْمُنَاظَرَةُ) أَيْ الْمُبَاحَثَةُ (وَالْحِيلَةُ فِيهَا فَفِي الْخُلَاصَةِ التَّمْوِيهُ) فُسِّرَ بِالتَّكَلُّمِ بِكَلَامٍ مُزَخْرَفٍ لِإِلْزَامِ الْخَصْمِ (وَالْحِيلَةُ فِي الْمُنَاظَرَةِ) بِالْمُقَدِّمَاتِ الْجَدَلِيَّةِ، وَالْخَطَابِيَّةِ بَلْ الشَّبِيهُ، وَالسَّفْسَطِيَّةَ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ عِنْدَهُ بَلْ وَلَمْ يُطَابِقْ لِلْوَاقِعِ (إنْ) (تَكَلَّمَ) مُخَاطِبُك مَعَك (مُتَعَلِّمًا) مُرِيدًا أَخْذَ عِلْمٍ مِنْك أَيْ مُسْتَفِيدًا (مُسْتَرْشِدًا) طَالِبَ رُشْدٍ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّمًا وَلَكِنْ كَانَ (تَكَلَّمَ عَلَى الْإِنْصَافِ) عَلَى قَصْدِ إظْهَارِ الصَّوَابِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ فَرْقٌ بَيْنَ ظُهُورِ الْحَقِّ مِنْهُ وَمِنْ خَصْمِهِ (بِلَا تَعَنُّتٍ) مُعَانَدَةً وَمُكَابَرَةً (يُكْرَهُ) التَّمْوِيهُ، وَالْحِيلَةُ مِنْك لِلُزُومِ كَوْنِك مُبْطِلًا وَمُعَانِدًا وَمُلَبِّسًا لِلْحَقِّ بِالْبَاطِلِ فَالْكَرَاهَةُ لَيْسَتْ بِتَحْرِيمِيَّةٍ (وَكَذَا) يُكْرَهُ (إذَا) (تَكَلَّمَ) خَصْمُك (غَيْرَ مُسْتَرْشِدٍ لَكِنْ عَلَى الْإِنْصَافِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ بِقَوْلِهِ أَوْ إنْ تَكَلَّمَ إلَّا أَنْ يُحْمَلُ لَفْظَةُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (بِلَا تَعَنُّتٍ) بِلَا قَصْدِ إيقَاعِ زَلَّةِ خَصْمِهِ (فَإِنْ تَكَلَّمَ مَعَ مَنْ يُرِيدُ التَّعَنُّتَ) أَيْ مُجَرَّدَ التَّفَوُّقِ وَإِذْلَالَ الْخَصْمِ (وَيُرِيدُ أَنْ يَطْرَحَهُ لَا يُكْرَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَحْتَالَ كُلَّ حِيلَةٍ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ) ضَرَرَهُ وَيَظْهَرَ فَسَادُهُ (لِأَنَّ الْحِيلَةَ لِدَفْعِ التَّعَنُّتِ مَشْرُوعَةٌ) لِأَنَّ جَزَاءَ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا لَعَلَّ إنْ كَانَ قَصْدُ ذَلِكَ الْمُعَانِدِ الْإِلْحَادَ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُمْكِنْ بِغَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ فَالْحِيلَةُ وَاجِبَةٌ وَإِلَّا فَتَرْكُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُنَاظَرَةَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ إظْهَارَ الصَّوَابِ لَيْسَ بِمُفِيدٍ شَيْئًا وَلَيْسَ بِمُسْتَحْسَنٍ فِي الْآدَابِ.
(قَالَ) فِي الْخُلَاصَةِ (وَسَمِعْت الْقَاضِيَ الْإِمَامَ) قِيلَ قَاضِي خَانْ (يَقُولُ إنْ أَرَادَ) الْمُنَاظِرُ (تَخْجِيلَ الْخَصْمِ