ومي زيادة ويتحدث عن الديمقراطية والشيوعية ودولة الكادحين؟ لقد كان حديث علوان الذي قتل فيما بعد في سجن الكوت طليا، وكنا نقره في كل ما يقول، وذات يوم سمعناه يتحدث إلينا عن الحزب الشيوعي العراقي الذي يعمل سرا، وعن قائده العظيم الرفيق فهد الذي لا يعرف اسمه ولا شخصه أحد؛ وفي أحد ايام الجمعة دعانا إلى بيته وأخرج لنا استمارات الانتماء إلى الحزب الشيوعي: استمارة لعمي عبد المجيد، وأخرى لعبد الدايم ناصر وثالثة لي، واخترنا لنا أسماء مستعارة وملأنا الاستمارات؟ وهكذا أصبحت لا مجرد شيوعي وإنما عضوا في الحزب الشيوعي العراقي " (?) .

وقد يصح ان اشتراكه في المظاهرة التي فصل على أثرها بداية نشاطه العلني في هذه الناحية، فأما إذا أوغلنا في التاريخ، فأننا يجب أن نفترض أن السلبية التي سجلها عليه عارفوه أول عهده بحياة بغداد ودار المعلمين إنما كانت دهاء عجيبا منه في اختفاء دوره الحقيقي، وهذا ما لا يتفق مع طبيعته الانفعالية التي تجر إلى إبراز منتماها بيسر وسهولة.

وكان وراء دخوله الحزب عوامل كثيرة، وربما لم تكن النقمة السياسية هي اقوى العوامل ولا كانت النزعة الإنسانية لإنصاف الفقراء والمظلومين من أقواها، وإنما يجب أن تتصور روعة الإقدام على المجهول والعمل في الخفاء، وعامل السأم من الموقف السلبي الذي كان يفرده بين أقرانه في الكلية، والإعجاب بشخصية احمد علوان، وسهولة انقياده لعمه عبد المجيد؟ الذي كان كما يروي مصطفى شديد التأثير في بدر رغم انه اصغر منه سنا - كل تلك مجتمعة هي التي حببت إليه ذلك الانتماء، وجعلته يرفع الشعار الجديد.

ويجب إلا ننسى أيضا الجو العام في الحياة السياسية بالعراق حينئذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015