ولكنا يجب ألا نسرف في التصور، فان القصائد التي نظمها فيها تدل على أن الحب كان يتجه إلى الانحسار، ومثل هذا الحكم يبدو غريبا لأول وهلة، ولكنا نجده يذكرها في قصيدتين أرسلهما إلى صديقه خالد إحداهما " في المساء " (أو في الغروب) والأخرى " الشعر والحب والطبيعة " وكلتا القصيدتين تمثل ارتدادا إلى اللوحات المسطحة التي كان شغوفا بها من قبل، وليس فيها أية حركة انفعالية لا بالطبيعة ولا بالحب، أضف إلى ذلك ان ذكر الحبيبة فيهما يجيء عرضا، ويجيء موشحا بلون من التصور؟ أو الواقع - الصبياني؛ ففي قصيدة " في المساء " يتحدث عن صورة الشمس في الغياب، ثم يحاول أن يقرن ذلك بغياب شمس العمر فيعجز عن الإفصاح بالمعنى الذي يريده (?) ، ثم يتحدث عن سحابة اعترضت غياب الشمس، ثم يعود ليذكر وداعه لصاحبته (?) :
قسما بمن اذكرتني بوداعها ... لقد ابتعثت صبابتي وتحسري
هي ذي (؟) والقلوب تحفا ... من كل منكسر الجناح مسعر
جلست وما جلس الفؤاد من الجوى ... وتبسمت فبكى ولم يتصبر
وهبت تحيتها لآخر غيره ... فبكى وقال لعلها لم تبصر
وقد اكتفى لو أنصفته بنظرة ... لكنها حرمته طيب المنظر
فتحجبت بسحابة من صحبها ... وتسترت فصرخت: لا تتستري
لو كان يسعفني لصغتها ... مرثية لفؤادي المتفطر