ولكن الشعر لا يصلح سلاحا لدفع المنية، ولا بد من ساعدي هرقل وإرادة تموز. ثم أن بينه وبين " عولس " رابطة أخرى، لأنه مثله ترك زوجا وفيه تنتظره وتعد الساعات لعودته، ولهذا يعود إلى ذكره غير مرة في قصائد هذه الفترة.
على أن المرض ربط بينه؟ ربط تطابق - وبين أيوب، ويمثل استدعاؤه لصورة أيوب نهاية المرحلة التي بلغها في حمى " الروحية "، ولعله لولا المرض لم يبلغها، ولكن المرض هو الذي منح شكلا مثاليا للعلاقة بين الإنسان والإله؛ فأيوب يمثل فلسفة الاستسلام والرضى من جانب الانسان، كما يمثل حقيقة " لا يسأل عما يفعل " من جانب الله، لان حكمته اعمق من كل فكر إنساني. غير أن " رمز " ايوب؟ في ذهن السياب - لم يكن عميق الموقع. فهو لم يكن مثل أيوب في بدء المرض حين نسمعه يصرخ في وجه الإله (?) :
صائد الرجال ... وساحق النساء أنت، يا مفجع ... يا مهلك العباد بالرجوم والزلازل ... يا موحش المنازل ... منطرحا أمام بابك الكبير ... أحسن بانكساره الظنون في الضمير ... أثور؟ أغضب؟ ... وهل يثور في حماك مذنب؟ ... ثم يستكين استكانة أيوب (?) :
لك الحمد مهما استطال البلاء ...