إلى ذلك الإحساس الكامن في نفسه سخطا على المدينة وعاد يتصور أنه فيها أحد اثنين، أما المسيح وأما تموز وأما هما معا. وفي قصيدة " العودة لجيكور " تصور أنه في بغداد، ولذلك هرب منها على " جواد الحلم الأشهب " ليبحث في جيكور عن كوكب:
عن مولد للروح تحت السماء ... عن منبع يروي لهيب الظماء ... عن منزل للسائح المتعب ... ونثر في قصيدة الرموز المسيحية عن المشي على الماء والكوكب الذي رآه المجوس وإكليل الشوك وإكليل الغار والماء الذي استحال خمرا، وجاء رمز " حراء " الذي حاكت العنكبوت خيطا على بابه، رمزا باهتا بين مجموعة تلك الرموز، هذا إلى أنه خطأ من الناحية التاريخية لأن العنكبوت نسجت خيوطها على غار ثور لا على حراء.
وفي قصيدة " تموز جيكور " تصور الشاعر أنه " تموز " وأن الخنزير البري يقتله، فيتدفق دمه، وخيل إليه أن جيكور ستولد من جرحه وتتماوج فيها الغلال والأنعام ولكنه سرعان ما يكشف الحقيقة: إن تموز يعيش مرة بدموع " عشتار " ولكنه ليس لديه أم أو حبيبة ليعود إلى الحياة ولهذا فهو يغيب في ظلام الموت، دون أن ينبت دمه شقائق أو قمحا.
ان السنابل والأزاهير لا تنمو إلا إذا بعث تموز، فكيف تبعث جيكور ويبعث ربيعها الأخضر بينما تموزها ما يزال هامدا في الثرى:
هيهات أينبثق النور ... ودمائي تظلم في الوادي
أيسقسق، فيها عصفور ... ولساني كومة أعواد لا. " لا شيء سوى العدم العدم، والموت هو الموت الباقي "؟.