ومع ذلك فان الإحساس التنبؤي في شعر بدر كان يومئ من بعيد إلى تغير الحال، ولم يكن هذا يتطلب قوة حدس إلهامية فذة فأن الناس إذا لم يطمئنوا إلى أن التغييرات محتوم في أوضاع العراق حينئذ، توارى من قدام عيونهم كل معنى للحياة والوجود ولما يتصل بالحياة والوجود من قيم، ولهذا عبر بدر في قصائد هذه الفترة عن اللهفة إلى الموت:
فيدلهم في دمي حنين ... إلى رصاصة يشق ثلجها الزؤام ... أعماق صدري، كالجحيم يشتعل العظام (?) ... وعن النقمة الغامضة على ما لا تحديد له:
أود لو عدوت أعضد المكافحين ... اشد قبضتي ثم اصفع القدر (?) ... وعن أن العذاب المرعب إرهاص بمخاض المدينة (?) وصور في قصيدة " مدينة بلا مطر " (?) ما تعانيه بابل من ظمأ وجفاف وجوع، ولكن انتهى إلى أم المطر لا بد من ان يهطل:
لتعلم ان بابل سوف تغسل من خطاياها ... ولهذا وجد في الثورة حقيقة زوال الكابوس الفادح فحياها بقصيدة لم تنشر في واحد من دواوينه، ولكن العهد لم يطل بالثورة حتى اخذ عبد الكريم قاسم يضرب فيها بين القوى المختلفة، ويدفع بموجة من موجات تلك القوى إلى أقصى اندفاعها ثم يثير موجة أخرى