اللبنانية، وتعرف إلى عدد من الأدباء في بيروت؛ وفي المحاضرة التي ألقاها السياب مقدمة للأمسية الشعرية تحدث عن الشاعر في العصر الحديث فرأى ان صورته المنطبعة في ذهنه هي صورة " القديس يوحنا وقد افترست عينيه رؤيا وهو يبصر الخطايا السبع تطبق على العالم كأنها أخطبوط هائل، والحق ان اغلب الشعراء العظام كانوا طوال القرون أنماطاً من القديس يوحنا، من داتني إلى شيكسبير إلى جوته إلى ت. س اليوت واديث سيتول " (?) وقارن في تلك الكلمة بين الشعر والدين فوجدهما يتفقان في انعدام المفعية، وفسر إقبال الشاعر الحديث على الأسطورة فذهب إلى العلة في ذلك انعدام القيم الشعرية في حياتنا الحاضرة لغلبة المادة على الروح، ولهذا يلجأ الشاعر إلى عالم آخر يحس فيه بالارتياح ليبني عوالم " يتحدى بها منطق الذهب والحديد " وختم كلمته بقوله: " ما زلنا نحاول ونجرب ولكنا واثقون من شيء واحد: أننا سنمهد الطريق لجيل جديد من الشعراء سيجعل الشعر العربي مقروءا في العالم كله " (?) .
ولست أناقش هنا آراء السياب، في هذه الكلمة، ولكني أود ان يتنبه القارئ فيها إلى هذا المنطلق " الروحاني " الذي يعتمده الشاعر في تصوره للشعر، وإلى مدى صلته بتلك الواقعية القديمة التي تحدث عنها في مؤتمر الأدباء، وإلى هذا الوصل بين الروحانية وصورة القديس يوحنا، فذلك مما قد يحدد معالم موقف جديد.
وحين عاد السياب من الربوع اللبنانية إلى بغداد كانت النشوة ما تزال تعمر جوانحه، وهذا ما يتمثل في أجوبته على أسئلة وجهها إليه أحد محرري العدد الأسبوعي من جريدة " الشعب " البغدادية،