الذي يخفق بحبه، دون أن يجده، وكان افتقاره إلى الوسامة هو القفل المصمت على القلوب العديدة التي حاول ان يفتحها، وكم استأنس بومضة عين، ونسخ من شعاعها قصة حب يخدر بها اخفاقه، ولكنه كان في قرارة نفسه واعيا بأن الحب في كل مرة كان من جانب واحد.
وشوشة المراهقة في أذن بدر وحسيسها وهي تنساب في أعصابه، وألسنة لهيبها وهي تحرق زرع سكينته، هي التي جعلته يميز أبعاد الألم والحرمان والاخفاق، ويستسلم إلى السوداوية والدموع والحسرة واللهفة. غير أن المراهقة تمثل نهاية وبداية؟ نهاية لما قبلها وبداية لما بعدها؛ ومن الخطأ ان تتجاوز سنوات الطفولة والصبا الأول بهذه السرعة لنركز القول في الفترة المراهقة وما بعدها. لكن من يدرس حياة بدر يضطر إلى ذلك لأن الذين عايشوه لم يعودوا يذكرون منه إلا الشاعر المشهور؛ وهو نفسه حين يعود إلى ماضيه الأول لا يتذكر إلا أمورا بارزة منها فقد الأم وزواج الأب من امرأة أخرى؛ وفي إحدى الرسائل يقول السياب انه حرم عاطفة الأمومة وهو ابن أربع (?) ، غير ان أخاه مصطفى يذكر ان والدتهما توفيت سنة 1932، فإذا لم يكن الأمر سهوا من مصطفى فان " تصغير " بدر لسنه يدل على إمعانه في إثارة الشفقة على حال قلوب عارفيه. ويذكر بدر من أيام طفولته الأولى كيف بكى حينما قتل أحدهم كلبة ذات جراء وكان اكثر ما أبكاه منظر جرائها اليتامى؛ كما يذكر عطفه على زنوبة التي كانت تخدم في منزلهم حين سرقت حفنة من أرز، واكتشف أهله سرقتها، فنثروا الأرز في إحدى الغرف، وطلبوا إلى زنوبة أن تذهب لكنسها، فلما رأت الأرز علمت أن أمرها قد افتضح (?) .
وتشمل ذكرياته أقاصيص جده؟ على نحو مبهم - وقصص