قطعة العملة الواحدة - أحدهما لا يستقل بالوجد دون الآخر، والعراق والمطر في قصيدة الثانية شيئان متطابقان أيضاً، بل هما اشد تطابقا من العراق والنقود، لآن الصلة بينهما صلة حياة مستمرة، لا عودة فردية محفوفة بظروف عابرة.
وتعتمد الإثارة فيهما على السحر البدائي الكامن في اللفظة؛ فاللفظة المتكررة هي التعويذة التي يرددها السحر القديم، أو هي " افتح يا سمسم "؟ كلمة السر التي تفتح على وقعها مغيبات النفس وهذه اللفظة هي " عراق " في القصيدة الأولى وصنوها " نقود "، وفي الثانية " مطر " وليس لها صنو منفصل، وإنما تحمل صنوها " عراق " في ذاتها حمل الأم للجنين.
في القصيدة الأولى " غريب على الخليج " تتفجر في داخل النفس " عراق " والموج يعول " عراق عراق " والاسطوانة في المقهى تردد " عراق "، وينفتح على ترديد اللفظة أبواب الماضي: فإذا بالطفولة المتمثلة في وجه الأم والنخيل وحكايا العمة والتنور الوعاج، واذا الشوق:
شوق الجنين إذا اشرأب من الظلام إلى الولادة (?)
- عودة طبيعية اثر تلك اللفظة السحرية، ولكن سرعان ما يعود الشاعر من حلم الماضي إلى واقعة ليرى نفسه:
تحت الشموس الأجنبية
متخافق الاطمار ابسط بالسؤال يدا
صفراء من ذل وحمى؟ ذل شحاذ غريب
بين العيون الأجنبية