ولكن سرعان ما يتحول هؤلاء الأطفال إلى جنود يخوضون ساحات الموت بدلا من ساحات الطفولة وملاعبها وإذا هناك جثة دامية وخربة بالية؟.ان نذر الشر تحيط بالأطفال وهم يلهون ويغردون كالعصافير، ويغطي على أصواتهم الرقيقة صوت أجش يصيح في أرجاء القرية " حديد عتيق، رصاص، حديد " - صوت ينضح بالدم، صوت ذلك التاجر المشؤوم (?) الذي يشبه في حرفته " حفار القبور " فهو لا يستطيع ان يطعم أبناءه إلا بالاتجار فيما يصبح مادة لحصادهم، أو قبورا لهم.

وحين يتردد الصوت المنكر مرة ومرة تكبر الربوة التي يلعب عليها الأطفال، فإذا بها تشمل كل ربوات هذه الأرض - ولا تعود مقصورة على القرية - ففي كل بلد أطفال أبرياء يلعبون، والناس سعداء كالأطفال سيتخذ هذا الحديد أغلالا لهم ونصلا لقطع أوردتهم وقفلا دون حريتهم: يستوي في ذلك أطفال كورية وعمال مرسيلية وأبناء بغداد؛ ويتقابل الصوتان: صوت الأطفال وصوت التاجر، ولكن الصوت الثاني يفتح أمام عيني الشاعر صور الويل والخراب والدمار والأشلاء والانفجارات، وانهدام الجدران التي خط عليها الصغار لفظة " سلام " ويتغير وجه الأرض:

فمن يملأ الدار عند الغروب ... بدفء الضحى واخضلال السهوب (?) ... ويستمر التاجر في ندائه: فإذا أم تخرج من بيتها لتبيعه السرير العتيق " المهاد الذي التقى عليه عاشقان " ليصبح في المستقبل شظايا تفصل ذراعا عن ذراع، ولكن هكذا شاء أرباب " وول ستريت ":

طور بواسطة نورين ميديا © 2015