الشعر، وذلك لأنه لم ينشر بيتا واحدا خلال الفترة التي قضاها في إيران والكويت، وحين عاد إلى العراق وجد أن غيابه قد كان مجالا لبروز شعراء آخرين ينافسونه في ميدان الشهرة، هذا إلى قلة صبر الناس على قراءة القصائد الطويلة، إذا تجاوزنا حلقات النقد الأدبي ومجالات الاهتمام الخاص بالشعر والحركة الشعرية الحديثة.
وكان نظمه لقصيدتي " الأسلحة والأطفال " و " المومس العمياء " في فترة واحدة يدل على أن الانقسام القديم الذي أثمر قصيدتين سابقتين وهما: " فجر السلام " و " حفار القبور " ما يزال يفعل فعله في نفسه، فبينا تعد " الأسلحة والأطفال " انطلاقا طبيعيا من قصيدة " فجر السلام " وتطورا فنيا على أصول الموضوع المشترك، تجيء قصيدة " المومس العمياء " تتمة لأختها السابقة " حفار القبور " أو صورة من روح الاستسلام للتعذيب في مقابل تلك الروح " السادية " الطاغية عند الحفار.
ومن الطبيعي أن يرحب " الرفاق " بقصيدة " الأسلحة والأطفال " وأن يبدوا شيئا من التردد في قبول القصيدة الثانية، لأن الأولى " تخدم السلام وتدعو إليه؟.. وان المعركة الرئيسية هي معركة السلام، وأما ما عداها؟ وخاصة المشاكل التي تناولتها المومس العمياء - فأشياء ثانوية " (?) ؛ وإذا كان هذا الموقف تعبيرا عن تعبيرا عن وجهة نظر سياسية، فأنه يتضمن أيضاً؟ سواء عرف الرفاق ذلك أو لم يعرفوه - حقيقة فنية، تتصل بطبيعة المهمة الشعرية: فقصيدة " الأسلحة والأطفال " صورة لحرية الإرادة الإنسانية والفعل الإنساني، وهي نغمة من الإيمان بقدرة الإنسان على التغيير والثورة، ولذلك فأنها تحمل ما يحمله الأمل المتفائل من ارتياح نفسي، بينما تمثل قصيدة " المومس العمياء " أقسى أنواع الجبرية، إذ لم يكتف الشاعر بأن يصور مومسا مسكينة جنت عليها