ثم حدثت الثورة على مصدق في تلك الفترة، وشهد بدر كيف تخلى حزب توده عنه حتى تمكن زاهدي ومن وراءه من المتآمرين من إنجاح خطتهم، ولما ثار بدر على هذا التخاذل وسأل عضوا من حزب توده؟ في طهران - كيف يدعون الأمور تتجه في هذا المجال أكد له ذلك العضو أن الثوريين كانوا يقدرون على سحق زاهدي وأردف قائلا: اسمع أيها الرفيق العربي نحن على حدود اتحاد شوروي (الاتحاد السوفيتي) واذا استولينا على الحكم؟ نحن الشيوعيين - فهل تظن الأمريكان يسكتون عن ذلك؟ بالطبع لا.. سوف يتدخلون، وإذا ما تدخلوا أصيب الاتحاد السوفيتي بالضرر " (?) وأيا كان حظ هذا التعليل من الوحاهة أو التفاهة، فإن موقف حزب توده قد مكن الفرصة لاستقواء الاتجاه اليميني في إيران وحصر حزب توده في " قمع بلوطة "، ولكن هذا الموقف نفسه قد حطم بدر آمالا عريضة، وازدادت آماله تكسرا حتى أصبحت دقاقا مطحونا حين عاد إلى العراق وحدث رفاقه بما كان من تقاعس الحزب الإيراني، فوجد رفاقه العراقيين يصوبون ما اقدم عليه حزب توده، لأن في ذلك كل خير ومصلحة للسلام.
وبقيت الشعرة الدقيقة التي كان يستبقيها معاوية بينه وبين الناس فلا يسمح لها بأن تنقطع، ولكن بدرا كان غير معاوية، ولذلك يقول في وصف خيط الشعاع الهبائي: " لقد بقيت رغم هذا عضوا في الحزب الشيوعي العراقي معزيا نفسي بأن القيادة قد تتغير ويأتي إليها أناس يقدرون مصالحهم القومية حق قدرها. غير أني لم يعد يربطني بالشيوعيين غير خيط واه ضعيف، وكان أقل خطأ يرتكبونه كافيا لأن يقطع هذا الخيط بيني وبينهم " (?) .