التي تسوغ الشكوى من سياسة الشركة أسرع إلى تنفيذ أوامر الحزب بالأضراب، ولم يكن كتاب الشركة عمالا بالمعنى الدقيق، ولهذا فانهم لم يتقيدوا بتلك الدعوة، مما أثار غضب العمال، فانهالوا في الصباح على أحد الكتاب وهو ذاهب إلى عمله ضربا وركلا، وفيما كان بدر وبعض الكتبة يقتربون من موقع الحادثة، عرفوا الخبر، فقرروا؟ من باب طلب السلامة - أن يشاركوا العمال إضرابهم. وفي ذلك اليوم اجتمع الكتبة في حديقة أم البروم، واندفع بدر يخطب في رفاقه الكتبة ويحثهم على عدم التخلي عن إخوانهم، في هذا الموقف، فاستجابوا لكلمته، واختيرت لجنة لتنفيذ الإضراب كان هو أحد أعضائها. وقد استمر الإضراب مدة غير قليلة تعرض فيها العمال صابرين لضيق ذات اليد، فرأت فئة الكتبة أن تنقذ الموقف بالوساطة بين الشركة والعمال، وألمحوا إلى الشركة من طرف خفي أن العمال قد يقومون بأعمال عنيفة وربما عمدوا إلى حرق المخازن والخزانات، فواقف المسئولون فيها على تلبية مطالب العمال، وعد بدر ورفاقه هذا نصرا عظيما إذ كانوا يعلمون أن الإضراب سائر إلى الإخفاق، وأن كثيرا من العمال كانوا قد قرروا استئناف العمل لما بلغته حالهم من سوء (?) .
ان عمل السياب في شركة نفط البصرة، يطوي من صفحات حياته اكثر عام 1949 وجانبا من العام التالي، وليس لدي ما يعينني على القطع اليقيني بسبب عودته إلى بغداد: هل فصل أو اختار العودة إلى الحياة الادبية؟ والامر الأول أقرب إلى طبيعة الأوضاع، إذ من المستبعد ان يكون نشاطه الحزبي قد ظل خافيا على الشركة، وهكذا وجد نفسه عاطلا عن العمل، فعاد إلى بغداد يبحث عن الرزق والشهرة الأدبية معا. وفي عام 1950 اصدر ديوانه الثاني " أساطير ".