المدارس عطلة ربيعية مبكرة، بحيث تحل الذكرى والطلاب بمنأى عن التجمهر، وقد آب كل منهم إلى بلده؛ وهكذا كان، فحزم بدر أمتعته عائدا إلى قريته، وبينما كان في محطة القطار سمع الناس يتهامسون بأن وزارة المعارف قد فصلته من وظيفته، وحسب ذلك شائعة تتردد على الأفواه لأنه لم يبلغ بشيء من ذلك.

وما كاد يصل القرية حتى أنبأه أبوه بأن الشرطة جاءت تسأل عنه، وربما كانت لها عودة، فليحتط للأمر، وليحاول الاختفاء إن قدر على ذلك، غير أنه اطمأن إلى الجو الماطر، وحسب أن الشرطة لن تتجشم البحث عنه مخترقة الأزقة القروية الموحلة، إلا أنه فوجئ بهم في اليوم التالي يطرقون عليه الباب، وقادوه معهم إلى المخفر موقوفا، فقضى يوما في أحد سجون البصرة ونقل من ثم إلى بغداد، وإلى موقف الكرخ بالذات، حيث وجد كثيرا من الرفاق ومن أعضاء حزب الشعب ومن أعضاء حزب البارتي الكردي (?) .

كانت الحكومة العراقية عام 1948 قد أعادت محاكمة " فهد " ورفاقه موجهة إليهم تهمتين: اولاهما أنهم ظلوا يوجهون الحركة الشيوعية من داخل السجن، والثانية أنهم تبعا لذلك مسئولون عن أحداث الوثبة في كانون. وفي شهر شباط (فبراير) 1949 نفذ حكم الإعدام في كل من فهد والشبيبي وزكي بسيم ويهودا صديق، وبينما كان بدر والرفاق من حزب فهد يقضون ايام التوقيف ولياليه في الأناشيد والأغاني وممارسة الألعاب ومطارحة النكت، بلغهم النبأ ذات يوم بأن قادتهم سيشنقون غدا (ولم يذكروا يهودا صديق بين من سيلحقهم الإعدام لأنه كان قد خان مبادئ الحزب في نظرهم) فسيطر عليهم الوجوم؛ لم يبك بدر رغم أنه حاول البكاء فاستعصت عليه الدموع؛ كان البكاء حينئذ يعني أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015