يحق للمرء أن يتساءل كم كان نشاطه الحزبي يستغرق من وقته، وكم من الوقت كان يتبقى لديه لإشباع نهمته إلى الأدب؛ ثم لا بد ان يكون المستوى الذي يبلغه المتخصص في الأدب الإنكليزي محدودا بما تستطيع ان تيسره له دار المعلمين العالية حينئذ ولذلك يستطيع القارئ ان يسأل نفسه: ما معنى " درست شيكسبير وملتون والشعراء الفكتوريين ثم الرومانتيكيين "؟ كم درس من شيكسبير، وماذا عرف من ملتون، وما مدى إلمامه بالفكتوريين ولم تجيء " ثم الرومانتيكيين " هكذا ضاربة وجه التأريخ الزمني بقوة؟ وليست هذه الأسئلة للتشكيك في معرفة بدر واطلاعه، ولكن ثقافة الشاعر أمر هام في تحديد المؤثرات التي تلقاها؛ ولو كنا نملك ان نحدد كل قصيدة قرأها، وكل كتاب درسه، لأفادنا هذا كثيرا في استبانة جوانب كثيرة من شعره، إلا أننا رغم ذلك سنشير إلى هذه المؤثرات حيث نجدها، حين نستطيع الكشف عنها، ويكفينا في هذا المقام ان نقول ان دراسته للأدب الإنكليزي؟ على تبعثر أجزائها وسرعتها وضعف مستواها - قد فتحت له نافذة يتطلع منها إلى غير الأدب العربي، اعني إلى الأدب الإنكليزي والآداب الأخرى المترجمة إلى الإنكليزية.
وكفلت له شهادته وطيفة معلم للغة الإنكليزية، فعين في مدرسة الرمادي الثانوية فانتقل إلى الرمادي وسكن في " احسن فندق بالبلدة " (?) . وبدأ نشاطه التدريسي (1948 - 1949) ، ويقول بعض العارفين انه " كان له تأثيره الفعال على الطلاب لأنه كان يتحسس قضاياهم وكانوا هم يأنسون إليه وينصرفون بعد الصف إلى سماع شعره " (?) . أما هو فيقول شيئا آخر: " كان المفروض إنني مدرس للغة الإنكليزية ولكن الحق أني كنت اقضي اكثر من نصف مدة الدرس في