ولهذا زجر خالد صديقه؟ كما المحنا من قبل - لعله يرعوي عن الاسترسال في هواه ذات مرة لأنه فيه مخايل كاذبة؛ وقال مصطفى وهو يتشبث جاهدا بأهداب الموضوعية ليكون عادلا في حكمه عند الحديث عن حب بدر للشاعرة: " عاش أخي في قرية تنظر إلى المرأة نظرة محافظة، ولما هبط بغداد، لعله؟ أقول لعله - ظن الابتسامة تعني حبا؟. انني لا ادعي العلم بالمغيبات وأسرار الصدور، ولكن شواهد الحال كانت تقنعني انها تجامله أو أن شئت فقل: تعطف عليه ".

وقبل ان ينسدل الستار على هذه القصة كانت تجربة لقاء المنتظرة؟ ثم فقدها في سرعة - سبب خروج المرأة الواقعية من عالم بدر؛ لا اعني انه لم يعرف المرأة من بعد؟ عن طريق الحب قصيرا كان مداه أم طويلا - بل انه اصبح كلما خفق قلبه لطلعه جديدة هرب من بوادر الحب إلى فكرته الجميلة عن منتظرة تملأ الكوخ عند الروابي سعادة وهناءة، وأحيانا كان يتوهم ان هذه هي المنشودة ثم لا يلبث أن يدرك أنها ليست هي التي ينشدها. وقد لخص بدر هذا الصراع الطويل بينه وبين أحلامه بصراحة تامة فقال: " وكان عمري انتظارا للمرأة المنشودة وكان حلمي في الحياة أن يكون لي بيت أجد فيه الراحة والطمأنينة، وكنت اشعر أنني لن أعيش طويلا؟.. " (?) . ولكن الذي لم يقله بدر هنا هو ان هذا البحث عن المنشودة كان يحمل في ذاته عوامل الهرب منها ولهذا كان يسرع إلى تكذيب رائد قلبه أو يتعلل بتهمة التقلب والخيانة، وهو مشدود إلى وجه " الام " الذي يطل عليه متوعدا من تحت الثرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015