من التقريظ، ارتاح له الشاعر، واخذ يتردد على مقهى " حسن العجمي " حيث يجلس الأستاذ الجواهري وغيره من كبار الأدباء والكتاب (?) . وفي هذه الفترة توثقت صلته بالجواهري، وظل بدر يكن له شيئا كثيرا من التقدير والاحترام، دون ان يتغير فيه رأيه كثيرا من بعد؟ وان لم يتأثر بطريقته الشعرية تأثرا عميقا؛ وكان الجواهري من أقطاب حركة أنصار السلام، التي سيكون لبدر فيها دور أيضاً، سيجيء الحديث عنه في موضعه. وزادته الشهرة في المحافل العامة راحة نفسية، ولكنها لم تلهه عن شئون العواطف، ولا أغنى ضجيج الهتاف في أذنيه عن حاجة النفس بين جوانحه. فقد افتتح العام الدراسي باللهفة إلى المنتظرة (السمراء ذات الغلالة الزرقاء) وبالإلحاح على الليالي ان تقرب موعد الهوى، فلم يعد الريف مثوى جميلا، لان الغرام فيه مفقود (?) :
أيها الريف ما ذممت المقاما ... في مغانيك لو وجدت الغراما
إنما جنة الهوى حيث حوا ... ء وان كانت الجحيم اضطراما وهو يخشى ان يفاجئه الموت قبل ان يحقق له الحب، وهل من عجيب ان يعيد في القصيدة صورة الحلم الذي قصه قبل عام على صديقه خالد:
لقد سئمت الربى مللت الضفانا ... احسب الموج أو اعد الخرافا مثلما عد انجم الليل عراف فأنبت بموته العرافا ... أيها الشاطئان أوهى جليد الموت كفي فأرخت المجدافا ... وكأني بعيني غورا قائما احتسي دجاه ارتجافا ... أهبط الموج سلما بارد الألوان حتى أعانق الاصدافا ...