ضحية هذا الوضع في ظل لا يغفر للمرء ماضيه ولا يعترف بشيء اسمه " التوبة ".
على أي حال يجب ألا ننتقص من قيمة ذلك الإحساس فإنه يمثل ثلما في مشاعر الولاء الحزبي، ولكن بدرا كان ما يزال مندفعا بحماسته المستعلنة فيما يعده واجب الفتى المثقف ضد حكومة ونظام رجعيين، وكانت لذة المقامات الخطابية بين الجماهير ما تزال تأسره وتملك عليه إرادته، ولهذا ظل يشارك في المظاهرات، وإلقاء القصائد. وفي إحدى المظاهرات التي انتهت عند المقبرة في باب المعظم (من ذلك العام) كان بدر أحد الذين صعدوا جدار المقبرة من بين الخطباء الكثيرين، ليثيروا حماسة الشعب ويحركوا فيه روح الثورة على الأوضاع؛ وكان بين الخطباء " فتاة جميلة بيضاء مربربة في الخامسة عشرة من عمرها أو أزيد قليلا " فقد ألقت في الجماهير قصيدة حماسية، ولكنها ألقت في نفس بدر جذوة اشتهاء، تلك هي الرفيقة مادلين اليهودية التي سيكون لها في حياة بدر قصة عارضة نرويها في حينها (?) .