بسحب الجيوش العربية، إذ كان يرى في الحرب؟ وهو يظنها حربا حقيقة - وسيلة لإحقاق حق ودفع ظلم؛ وكانت الحرب تعبيرا عمليا عن حماسته نحو اخوة مضطهدين مطرودين؟ ظلما وعدوانا - من ديارهم، فكل صوت ضد هذا الشعور خيانة آثمة، وانحياز إلى الصهيونية، ولهذا اصبح من السهل عليه ان يؤمن بأن الحزب الشيوعي العراقي صهيوني أو مؤيد للصهيونية. وحين استغلت الدولة هذه التهمة في محاكمتها للشيوعيين كانت تستغل فكرة من السهل ان تجوز على الفرد العراقي حينئد.

من هذا المنفذ نفسه اخذ القلق يتسرب إلى نفس بدر وشرع يحسس الانقسام في نفسه بين ولائه للحزب وإخلاصه لمشاعره العفوية. هل من الممكن ان يؤمن بالتقسيم، وهو يرى اللاجئين من أبناء أمته مطرودين من ديارهم؟ هل من السهل عليه ان يحقق ما يريده ساسون دلال (والخط الفاصل بين يهودي وصهيوني لديه خط وهمي) ويتغاضى عن سخط شعبه؟ سخط تلك الجماهير التي يتحدث باسمها - على الظلم الصارخ الذي يمثله ذلك الحل الجائر؟ إن مشكلة فلسكين لم تهز كثيرا من النظم البالية في البلاد العربية وحسب، ولكنها أيضاً عرقلت نمو كل حزب شيوعي فيها، وكانت رويا مسئولة عن ذلك الإخفاق الذي أصاب تلك الأحزاب، لأنها شاءت في لحظة لم تحسب نتاجها البعيدة ان تقوم بمناورة سياسية (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015