ِ وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي لَهَا حُدُودٌ مَشْرُوعَةٌ أَرْبَعٌ:
جِنَايَاتٌ عَلَى الْأَبْدَانِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْمُسَمَّى قَتْلًا وَجَرْحًا.
وَجِنَايَاتٌ عَلَى الْفُرُوجِ وَهُوَ الْمُسَمَّى زِنًا وَسِفَاحًا.
وَجِنَايَاتٌ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَهَذِهِ مَا كَانَ مِنْهَا مَأْخُوذًا بِحَرْبٍ سُمِّيَ حِرَابَةً إِذَا كَانَ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، بِتَأْوِيلٍ سُمِّيَ بَغْيًا، وَإِنْ كَانَ مَأْخُوذًا عَلَى وَجْهِ الْمُعَافَصَةِ مِنْ حِرْزٍ يُسَمَّى سَرِقَةً، وَمَا كَانَ مِنْهَا يَعُلُو مَرْتَبَةٍ وَقُوَّةِ سُلْطَانٍ سُمِّيَ غَصْبًا.
وَجِنَايَاتٌ عَلَى الْأَعْرَاضِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى قَذْفًا.
وَجِنَايَاتٌ بِالتَّعَدِّي عَلَى اسْتِبَاحَةِ مَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ، وَهَذِهِ إِنَّمَا يُوجَدُ فِيهَا حَدٌّ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ فِي الْخَمْرِ فَقَطْ، وَهُوَ حَدٌّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَعْدَ صَاحِبِ الشَّرْعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه.
فَلْنَبْتَدِئْ مِنْهَا بِالْحُدُودِ الَّتِي فِي الدِّمَاءِ فَنَقُولُ: إِنَّ الْوَاجِبَ فِي إِتْلَافِ النُّفُوسِ وَالْجَوَارِحِ هُوَ إِمَّا قِصَاصٌ وَإِمَّا مَالٌ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الدِّيَةَ، فَإِذَنْ النَّظَرُ أَوَّلًا فِي هَذَا الْكِتَابِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: النَّظَرُ فِي الْقِصَاصِ، وَالنَّظَرُ فِي الدِّيَةِ.
وَالنَّظَرُ فِي الْقِصَاصِ يَنْقَسِمُ إِلَى الْقِصَاصِ فِي النُّفُوسِ، وَإِلَى الْقِصَاصِ فِي الْجَوَارِحِ. وَالنَّظَرُ أَيْضًا فِي الدِّيَاتِ يَنْقَسِمُ إِلَى النَّظَرِ فِي دِيَاتِ النُّفُوسِ، وَإِلَى النَّظَرِ فِي دِيَاتِ قَطْعِ الْجَوَارِحِ وَالْجِرَاحِ. فَيَنْقَسِمُ أَوَّلًا هَذَا الْكِتَابُ إِلَى كِتَابَيْنِ:
أَوَّلُهُمَا: يُرْسَمُ عَلَيْهِ كِتَابُ الْقِصَاصِ.
وَالثَّانِي: يُرْسَمُ عَلَيْهِ كِتَابُ الدِّيَاتِ.