دونها، فمن وقِيَ شرَّ بطْنِهِ فقد وُقِيَ شرًّا عظيمًا، والشيطانُ أعظمُ ما يتحكَّم من الإنسان إذا مَلأَ بطنَه من الطعام، ولهذا جاء في بعض الآثار: "ضَيِّقوا مجارِيَ الشيطان بالصَّوْم"، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ" (?)، ولو لم يكَنْ في التملِّي من الطَّعام إلا أنه يدعو إلى الغفلة عن ذكر الله عز وجل، وإذا غَفَل القلبُ عن الذكر ساعةً واحدةً جثم عليه الشيطانُ ووعدَهُ ومنَّاه وشهَّاه، وهام به في كل وادٍ، فإن النفسَ إذا شبعتْ تَحَرَّكَتْ وجالت وطافت على أبواب الشَّهَوَاتِ، وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت.

وأما فضولُ المخالطةِ؛ فهي الدّاء العُضَالُ الجالبُ لكلِّ شرٍّ، وكم سلبت المخالطةُ والمعاشرةُ من نعمة، وكم زرعتْ من عداوة، وكم غرستْ في القلب من حَزَازات، تزولُ الجبالُ الراسيات وهي في القلوب لا تزول، ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة، وإنما ينبغي للعبد أن يأخذَ من المخالطة (?) بمقدار الحاجة، ويجعلَ الناسَ فيها أربعةَ أقسام، متى خلط أحدَ الأقسام بالآخر، ولم يميِّزْ بينهما دخل عليه الشر:

أحدهما: مَنْ مخالَطَتُهُ كالغذاء لا يُستغنى عنه في اليوم واللَّيلةِ، فإذا أخذ حاجَتَهُ منه ترك الخلطة (?)، ثم إذا احتاجَ إليه خالطه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015