كم ذا التخلف والدنيا قد ارتحلتْ ... ورسْلُ ربِّك قد وافتْكَ في الطَّلَبِ
ما في الديار وقد سارتْ ركائِبُ مَنْ ... تهواه للصَّبِّ من سكنى ولا أَرَبِ
فأَفْرِش الخدَّ ذيَّاك التُّرَابَ وقل ... ما قاله صاحبُ الأشواق في الحِقَبِ
ما رَبْعُ مَيَّةَ محفوفًا يطيف به ... غَيْلان أشهى له من رَبْعِكَ الخرِب
ولا الخدودُ وإن أُدْمِينَ من ضَرَج ... أشهى إلى ناظرِي من خدِّكَ التَّرِبِ (?)
منازلًا كان يهواها ويألفُها ... أيامَ كان منالُ (?) الوصل عن كَثَبِ
وكلما جليت تلك الرُّبوعُ له ... يهوي إليها هُوِيَّ الماءِ في صَبَبِ
أحيا له الشَّوْقُ تَذْكارَ العهودِ بها ... فلو دعا القلبُ للسُّلْوانِ لم يُجِبِ
هذا وكم منزلٍ في الأرض يألفُهُ ... وما له في سواها الدَّهْرَ مِنْ رَغَبِ
ما في الخيام أخو وجدٍ يريحُك إن ... بَثَثْتَهُ بعضَ شأن الحبِّ فاغتربِ
وأَسْرِ في غَمَرَات الليلِ مهتديًا ... بنفحةِ الطِّيب لا بالنَّار والحَطَبِ
وعادِ كلَّ أخي جُبْن ومَعْجَزَةٍ ... وحارب النفسَ لا تُلْقِيكَ في الحَرَبِ
وخذ لنفسِكَ نورًا تستضيءُ به ... يوم اقتسام الورى الأنوارَ بالرُّتَبِ
فالجسرُ ذو ظلماتٍ ليسَ تقطعُهُ ... إلا بنور يُنَجِّي العبدَ في الكُرَبِ
والمقصود أن فضول النظر أصل البلاء (?).
وأما فضول الكلام؛ فإنها تفتحُ للعبدِ أبوابًا من الشر، كلها مداخل