بدائع الفوائد (صفحة 698)

من أب واحد كما أن مادة تلك الشرائع المختلفة من دين واحد متفق عليه. فهذا أولى المعنيين بالحديث وليس في تباعد أزمنتهم ما يوجب أن يشبه زمانهم بأمهاتهم ويجعلون مختلفي الأمهات لذلك وكون الأم بمنزلة الشريعة والأب بمنزله الدين وأصالة هذا وتذكيره وفرعية الأم وتأنيثها واتحاد الأب وتعدد الأم ما يدل على أنه معنى الحديث والله أعلم.

فائدة:

في قوله تعالى: {أَسْرَى بِعَبْدِه} دون بعث بعبده وأرسل به ما يفيد مصأحبته له في مسراه فإن الباء هنا للمصأحبة كالهاء في قوله: هاجر بأهله وسافر بغلامه وليست للتعدية فإن أسرى يتعدى بنفسه يقال سري به وأسراه وهذا لأن ذلك السري كان أعظم أسفاره والسفر يعتمد الصأحب ولهذا كان المسافر يقول: "اللهم أنت الصأحب في السفر".

فإن قيل: فهذا المعنى يفهم من الفعل الثلاثي لو قيل سري بعبده فما فائدة الجمع بين الهمزة والباء؟ ففيه أجوبة:

أحدها: أنهما بمعنى وأن أسرى لازم كسرى تقول سرى زيد وأسرى بمعنى واحد هذا قول جماعة.

الثاني: أن أسرى متعد ومفعوله محذوف أي أسرى بعبده البراق هذا قول أبي القاسم السهيلي وغيره ويشهد للقول الأول قول الصديق أسرينا ليلتنا كلها ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة.

الجواب الصحيح أن الثلاثي المتعدي بالباء يفهم منه شيئان:

أحدهما: صدور الفعل من فاعله.

الثاني: مصأحبته لما دخلت عليه الباء.

فإذا قلت سريت بزيد وسافرت به كان قد وجد منك السري والسفر مصأحبا لزيد فيه كما قال:

ولقد سريت على الظلام بمعشر ...

ومنه الحديث: "أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها "، وأما المتعدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015