بدائع الفوائد (صفحة 697)

فائدة:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أولاد علات " وفي لفظ: "إخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد ".

قال الجوهري: "بنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتى سميت بذلك لأن الذي تزوجها على أولى كانت قبلها ثم عل من الثانية العلل الشرب الثاني يقال له علل بعد نهل وعله يعله إذا سقاه السقية الثانية".

وقال غيره: "سموا بذلك لأنهم أولاد ضرائر والعلات الضرائر. وهذا الثاني أظهر.

وأما وجه التسمية فقال جماعة منهم القاضي عياض وغيره: معناه أن الأنبياء مختلفون في أزمانهم وبعضهم بعيد الوقت من بعض فهم أولاد علات إذ لم بجمعهم زمان واحد كما لم يجمع أولاد العلات بطن واحد وعيسى لما كان قريب الزمان من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن بينهما نبي كانا كأنهما في زمان واحد فقال: "أنا أولى الناس بعيسى بن مريم عليه السلام قالوا: كيف يا رسول الله؟ فقال: الأنبياء إخوة من علات " الحديث.

وفيه وجه آخر أحسن من هذا وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه دين الأنبياء الذين اتفقوا عليه من التوحيد وهو عبادة الله وحده لا شريك له والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله ولقائه بالأب الواحد لاشتراك جميعهم فيه وهو الدين الذي شرعه الله لأنبيائه كلهم فقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} وقال البخاري في صحيحه: "باب ما جاء أن دين الأنبياء واحد" وذكر هذا الحديث وهذا هو دين الإسلام الذي أخبر الله أنه دين أنبيائه ورسله من أولهم نوح إلى خاتمهم محمد فهو بمنزلة الأب الواحد وأما شرائع الأعمال والمأمورات فقد تختلف فهي بمنزلة الأمهات الشتى التي كان لقاح تلك الأمهات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015