بدائع الفوائد (صفحة 642)

فائدة:

قال ابن عقيل: "الأموال التي يأخذها القضاة أربعة أقسام: رشوة وهدية وأجرة ورزق. فالرشوة حرام وهي ضربان: رشوة ليميل إلى أحدهما بغير حق فهذه حرام عن فعل حرام على الآخذ والمعطي وهما آثمان, ورشوة يعطاها ليحكم بالحق واستيفاء حق المعطي من دين ونحوه فهي حرام على الحاكم دون المعطي لأنها للاستنقاذ فهي كجعل الآبق وأجرة الوكلاء في الخصومة، وأما الهدية فضربان: هدية كانت قبل الولاية فلا تحرم استدامتها وهدية لم تكن إلا بعد الولاية وهي ضربان: مكروهة وهي الهدية إليه ممن لا حكومة له وهدية ممن قد اتجهت له حكومة فهي حرام على الحاكم والمهدي. وأما الأجرة إن كان للحاكم رزق من الإمام من بين المال حرم عليه أخذ الأجرة قولا واحدا لأنه إنما أجرى له الرزق لأجل الاشتغال بالحكم فلا وجه لأخذ الأجرة من جهة الخصوم وإن كان الحاكم لا رزق له فعلى وجهين: أحدهما الإباحة لأنه عمل مباح فهو كما لو حكماه ولأنه مع عدم الرزق لا يتعين عليه الحكم فلا يمنع من أخذ الأجرة كالوصي وأمين الحاكم يأكلان من مال اليتيم بقدر الحاجة وأما الرزق من بيت المال فإن كان غنيا لا حاجة له إليه احتمل أن يكره لئلا يضيق على أهل المصالح ويحتمل أن يباح لأنه بذل نفسه لذلك فصار كالعامل في الزكاة والخراج.

قلت: أصل هذه المسائل عامل الزكاة وقيم اليتيم فإن الله تعالى أباح لعامل الزكاة جزءا منها فهو يأخذه مع الفقر والغنى والنبي صلى الله عليه وسلم منعه من قبول الهدية وقال: "هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر هل يهدي إليه أم لا" وفي هذا دليل على أن من أهدي إليه في بيته ولم يكن بسببيه العمل على الزكاة جاز له قبوله فيدل ذلك على أن الحاكم إذا أهدى إليه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015