حتى يزيل ما به أو يقلله فيتعزى فيصير ثواب المسلى كثواب المصاب لأن كلا منهما دفع الجزع فالمصاب كابده بالاستجابة والمعزي عمل في أسباب المداواة لألم الكآبة.
فائدة:
قوله صلى الله عليه وسلم: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود " قال ابن عقيل: "المراد بهم الذين دامت طاعاتهم وعدالتهم فزلت في بعض الأحايين أقدامهم بورطة".
قلت: ليس ما ذكره بالبين فإن النبي صلى الله عليه وسلم يعبر عن أهل التقوى والطاعة والعبادة بأنهم ذوو الهيئات ولا عهد بهذه العبارة في كلام الله ورسوله للمطيعين المتقين والظاهر أنهم ذوو الأقدار بين الناس من الجاه والشرف والسؤدد فإن الله تعالى خصهم بنوع التكريم وتفضيل على بني جنسهم فمن كان منهم مستورا مشهورا بالخير حتى كبا به جواده ونبا عصب صبره وأديل عليه شيطانه فلا تسارع إلى تأنيبه وعقوبته بل تقال عثرته ما لم يكن حدا من حدود الله فإنه يتعين استيفاؤه من الشريف كما يتعين أخذه من الوضيع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وقال: إنما هلك بنوا إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد".
وهذا باب عظيم من أبواب محاسن هذه الشريعة الكاملة وسياستها للعالم وانتظامها لمصالح العباد في المعاش والمعاد.