تحبين أن يعذبك الله في النار فأنت طالق فقالت: أنا أحب ذلك.
قال الموقعون المحبة أمر لا يتوقف عليه ولا يعلم إلا من جهتها فإذا أخبرت به رجع إلى قولها الباطن، اعترض على ذلك ابن عقيل فقال: "إذا كان عليه دلالة أمكن الاطلاع عليه ولا دلالة أكبر من العلم بأن طباع الحيوان لا تصبر على نفحات النار ولا تحبها وإذا علم هذا طبعا صار دعوى خلافه خرقا للعادة فهو كقوله أنت طالق إن صعدت السماء فغابت ثم ادعت الصعود فإنه لا يقع لاستحالته طبعا وعادة قالوا النعام يميل إلى النار فلا يمتنع أن تكون هذه صادقة لإخبارها عن نفسها أو دخل عليها داخل من برد استولى على جسدها فتمنت معه دخول النار". قال ابن عقيل: "لا يستحيل الميل إلى النار من الحيوان الذي ذكرت لكن ذلك خرق للعادة في حق غيرها فلئن جاز أن يصدقها في ذلك لكونه لا يستحيل وجب أن يصدقها في صعود السماء فقد صعدت إليها الملائكة والجن والأنبياء بل يبنى الأمر على العادة دون خرقها وفي مسألتنا لم تقل أحب النار بل قالت: أحب أن يعذبني الله بالنار والنعام لا يتعذب فقد صرحت بحب أعظم الألم ولم يجتمع في حيوان حب وميل إلى ما يعذب به فقد صرحت بحب أعظم الألم ولم يجتمع في حيوان حب وميل إلى ما يعذب به بل طبعه النفور من كل مؤلم فأما تعلقهم بأن ما في قلبها لا يطلع عليه إلا من إخبارها فهذا شيء يرجع إلى ما يجوز أن يكون في قلبها من طريق العادة فأما المستحيل عادة فإنه كالمستحيل في نفسه ولو أنه قال لها إن كنت تعتقدين أن الجمل يدخل في خرم الإبرة فأنت طالق فقالت: أعتقده لم يقع الطلاق إذ لا عاقل يجوز ذلك فضلا عن أن يعتقده". انتهى كلامه وهو كما ترى قوة صحة.
حادثة: مسجد عليه وقف خرب وليس في وقفه ما يفي بعمارته هل يجوز نقل ذلك إلى عمارة الجامع الذي لا غنى للقرية عنه؟ قال جماعة يجوز وخالفهم ابن عقيل